بَابُ مَوْقِفِ الْإِمَامِ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَكَيْفَ يَصْنَعُ إذَا اجْتَمَعَتْ أَنْوَاعٌ
١٤٣٥ - (عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: «صَلَّيْتُ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ وَسْطَهَا.» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ) .
١٤٣٦ - (وَعَنْ أَبِي غَالِبٍ الْحَنَّاطِ قَالَ: «شَهِدْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ رَجُلٍ فَقَامَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَلَمَّا رُفِعَتْ أُتِيَ بِجِنَازَةِ امْرَأَةٍ فَصَلَّى عَلَيْهَا فَقَامَ وَسْطَهَا، وَفِينَا الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَلَوِيُّ؛ فَلَمَّا رَأَى اخْتِلَافَ قِيَامِهِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُومُ مِنْ الرَّجُلِ حَيْثُ قُمْتَ، وَمِنْ الْمَرْأَةِ حَيْثُ قُمْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد، وَفِي لَفْظِهِ: فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ كَصَلَاتِكَ يُكَبِّرُ عَلَيْهَا أَرْبَعًا وَيَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ، وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ مَوْقِفِ الْإِمَامِ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَكَيْفَ يَصْنَعُ إذَا اجْتَمَعَتْ أَنْوَاعٌ]
الْحَدِيثُ الثَّانِي حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَالْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ. قَوْلُهُ: (وَسْطَهَا) بِسُكُونِ السِّينِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ يَسْتَقْبِلُ وَسْطَهَا. وَلَا مُنَافَاةَ بَيْن هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: " وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ "؛ لِأَنَّ الْعَجِيزَةَ يُقَالُ لَهَا: وَسَطٌ؛ وَأَمَّا الرَّجُلُ فَالْمَشْرُوعُ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ حِذَاءَ رَأْسِهِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ، وَلَمْ يُصِبْ مَنْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ عَلَى أَنَّهُ يُقَامُ حِذَاءَ وَسْطِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَقَالَ: إنَّهُ نَصٌّ فِي الْمَرْأَةِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهَا الرَّجُلُ؛ لِأَنَّ هَذَا قِيَاسٌ مُصَادِمٌ لِلنَّصِّ وَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ تَصْرِيحِ مَنْ سَأَلَ أَنَسًا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَجَوَابُهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ، وَإِلَى مَا يَقْتَضِيهِ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ مِنْ الْقِيَامِ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَوَسْطِ الْمَرْأَةِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: حِذَاءَ صَدْرِهِمَا، وَفِي رِوَايَةٍ: " حِذَاءَ وَسْطِهِمَا " وَقَالَ مَالِكٌ: حِذَاءَ الرَّأْسِ مِنْهُمَا. وَقَالَ الْهَادِي: حِذَاءَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَثَدْيِ الْمَرْأَةِ
وَاسْتَدَلَّ بِفِعْلِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. قَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَهُوَ رَأْيُ أَهْلِ الْبَيْتِ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ. وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ صَدْرَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّرَّةِ مِنْ الرَّجُلِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ مُؤَيِّدًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْهَادِي: لِأَنَّ إجْمَاعَ الْعِتْرَةِ أَوْلَى مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute