١٤٣٤ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى «أَنَّهُ مَاتَتْ ابْنَةٌ لَهُ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا ثُمَّ قَامَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَدْرَ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ يَدْعُو، ثُمَّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ فِي الْجِنَازَةِ هَكَذَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ بِمَعْنَاهُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
إمَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّكْبِيرِ، أَوْ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، أَوْ يُفَرِّقُهُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ، أَوْ يَدْعُو بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَدْعِيَةِ لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا لِجَمِيعِ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الْآتِي فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَدْعُ إلَّا بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ إنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ دَعَا بَعْدَهَا، وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ مُخْتَصٌّ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ
قَوْلُهُ: (إنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَسْمِيَةِ الْمَيِّتِ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، وَهَذَا إنْ كَانَ مَعْرُوفًا، وَإِلَّا جَعَلَ مَكَانَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ إنَّ عَبْدَكَ هَذَا أَوْ نَحْوَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدْعُو بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَلَا يُحَوِّلُ الضَّمَائِرَ الْمُذَكَّرَةَ إلَى صِيغَةِ التَّأْنِيثِ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى؛ لِأَنَّ مَرْجِعَهَا الْمَيِّتُ، وَهُوَ يُقَالُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى. وَفِي رِوَايَةٍ كَبَّرَ أَرْبَعًا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكَبِّرُ خَمْسًا ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: إنِّي لَا أَزِيدُ عَلَى مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ، وَهَكَذَا كَانَ يَصْنَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْآخِرَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. وَفِيهِ خِلَافٌ، وَالرَّاجِحُ الِاسْتِحْبَابُ لِهَذَا الْحَدِيثِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ: إنَّهُ يَقُولُ بَعْدَهَا: " اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ " وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ الْمُتَقَدِّمُونَ يَقُولُونَ فِي الرَّابِعَةِ: اللَّهُمَّ رَبّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. وَقَالَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ: إنَّهُ يَقُولُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ: سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ السَّمَوَاتُ وَالْأَرَضُونَ، سُبْحَانَ رَبِّنَا الْأَعْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَقَدْ صَارَ إلَيْكَ، وَقَدْ أَتَيْنَاكَ مُسْتَشْفِعِينَ لَهُ، سَائِلِينَ لَهُ الْمَغْفِرَةَ، فَاغْفِرْ لَهُ ذُنُوبَهُ وَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ، وَأَلْحِقْهُ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، اللَّهُمَّ وَسِّعْ عَلَيْهِ قَبْرَهُ، وَأَفْسِحْ لَهُ أَمْرَهُ، وَأَذِقْهُ عَفْوَكَ وَرَحْمَتَكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا حُسْنَ الِاسْتِعْدَادِ لِمِثْلِ يَوْمِهِ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ، وَاجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِيمَهَا وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ، ثُمَّ يُكَبِّرُ الْخَامِسَةَ ثُمَّ يُسَلِّمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute