للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَبَيَانُ أَنَّهُ الْفَرْضُ

٢٠٦ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «تَخَلَّفَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفْرَةٍ فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَنَا الْعَصْرُ فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا قَالَ: فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَرْهَقْنَا الْعَصْرَ: أَخَّرْنَاهَا. وَيُرْوَى أَرْهَقَتْنَا الْعَصْرُ بِمَعْنَى دَنَا وَقْتُهَا)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ مَا يَظْهَرُ مِنْ الرَّأْسِ غَالِبًا مِنْ الْعِمَامَةِ]

قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُخْرِجْهُ، وَأَنَّ الْمُنْذِرِيَّ وَابْنَ الْجَوْزِيِّ وَهُمَا فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْحَافِظُ. وَالْمُصَنِّفُ قَدْ تَبِعَهُمَا فِي ذَلِكَ فَتَنَبَّهْ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْعِمَامَةِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْمَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ ذِكْرُ الْخِلَافِ وَالْأَدِلَّةِ وَمَا هُوَ الْحَقُّ.

[بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَبَيَانُ أَنَّهُ الْفَرْضُ]

فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْكِتَابِ. مِنْهَا عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعَنْ مُعَيْقِيبٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَقَدْ عُلِّلَ. وَقِيلَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَعَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَشُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: «أَتِمُّوا الْوُضُوءَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ» وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أَخِيهِ. وَمِنْ حَدِيثِهِمَا مَعًا. وَمِنْ حَدِيثِ أَحَدِهِمَا عَلَى الشَّكِّ قَالَهُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ.

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عِنْدَ مُسْلِمٍ. وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَفِيهِ أَبُو أُمَيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانُ عِنْدَ أَحْمَدَ. قَوْلُهُ: (فِي سَفْرَةٍ) وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ. قَوْلُهُ: (أَرْهَقَنَا) قَالَ الْحَافِظِ: بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْقَافِ، وَالْعَصْرُ مَرْفُوعٌ بِالْفَاعِلِيَّةِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ.

وَفِي رِوَايَةٍ كَرِيمَةٍ بِإِسْكَانِ الْقَافِ وَالْعَصْرَ مَنْصُوبٌ بِالْمَفْعُولِيَّةِ. وَيُقَوِّي الْأَوَّلَ رِوَايَةُ الْأَصِيلِيِّ أَرْهَقَتْنَا بِفَتْحِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ سَاكِنَةٌ وَمَعْنَى الْإِرْهَاقِ الْإِدْرَاكُ وَالْغَشَيَانُ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ كَأَنَّ الصَّحَابَةَ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ طَمَعًا أَنْ يَلْحَقَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُصَلُّوا مَعَهُ فَلَمَّا ضَاقَ الْوَقْتُ بَادَرُوا إلَى الْوُضُوءِ وَلِعَجَلَتِهِمْ لَمْ يُسْبِغُوهُ فَأَدْرَكَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا) انْتَزَعَ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمْ كَانَ بِسَبَبِ الْمَسْحِ لَا بِسَبَبِ الِاقْتِصَارِ عَلَى غَسْلِ بَعْضِ الرِّجْلِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ: «فَانْتَهَيْنَا إلَيْهِمْ وَأَعْقَابُهُمْ بِيضٌ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ» فَتَمَسَّكَ بِهَذَا مَنْ يَقُولُ بِإِجْزَاءِ الْمَسْحِ، وَيُحْمَلُ الْإِنْكَارُ عَلَى تَرْكِ التَّعْمِيمِ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا أَرْجَحُ فَتُحْمَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>