الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ
١٤٠٥ - (عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أُحْصِنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالْمُصَلَّى؛ فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَقَالُوا: وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ وَرِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ أَوْلَى. وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِأَنَّهُ صَلَّى عَلَى الْغَامِدِيَّةِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى أَحَدٍ إلَّا عَلَى الْغَالِّ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ) .
ــ
[نيل الأوطار]
[الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ]
حَدِيثُ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ، وَقَالَ: لَمْ يَقُلْ يُونُسُ وَابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ الزُّهْرِيِّ " وَصَلَّى عَلَيْهِ " وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، أَعْنِي قَوْلَهُ: " فَصَلَّى عَلَيْهِ " بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى لَمْ يَذْكُرْهَا، وَهُوَ أَضْبَطُ مِنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ. قَالَ: وَتَابَعَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى نُوحَ بْنَ حَبِيبٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَذَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الزِّيَادَةَ. وَقَالَ: مَا أَرَى مُسْلِمًا تَرَكَ حَدِيثَ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ إلَّا لِمُخَالَفَتِهِ هَؤُلَاءِ وَقَدْ خَالَفَ مَحْمُودًا أَيْضًا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَاهْوَيْهِ وَحُمَيْدَ بْنُ زَنْجُوَيْهِ وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدِّيرِيُّ، فَهَؤُلَاءِ ثَمَانِيَةٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ خَالَفُوا مَحْمُودًا، وَفِيهِمْ هَؤُلَاءِ الْحَافِظُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وَحُمَيْدَ بْنُ زَنْجُوَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ نَحْوَ رِوَايَةِ عَقِيلٍ، وَحَدِيثُ عَقِيلٍ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الصَّلَاة. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: " فَصَلَّى عَلَيْهِ " وَهُوَ خَطَأٌ لِإِجْمَاعِ أَصْحَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَلَى خِلَافِهِ، ثُمَّ إجْمَاعُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ عَلَى خِلَافِهِ انْتَهَى. وَعَلَى هَذَا تَكُونُ زِيَادَةُ قَوْلِهِ: " وَصَلَّى عَلَيْهِ " شَاذَّةٌ، وَلَكِنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ زِيَادَةَ الثِّقَةِ إذَا وَقَعَتْ غَيْرَ مُنَافِيَةٍ كَانَتْ مَقْبُولَةً، وَهِيَ هُنَا كَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ لِأَصْلِ الْحَدِيثِ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِهِ مَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَهْلِ السُّنَنِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، فَرِوَايَةُ الصَّلَاةِ أَرْجَحُ مِنْ جِهَاتٍ: الْأُولَى: كَوْنُهَا فِي الصَّحِيحِ. الثَّانِيَةُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute