٣١٩٣ - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ، وَفِي لَفْظٍ: مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» ) .
٣١٩٤ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، ثُمَّ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
عَدَمِ جَوَازِ الِاقْتِصَاصِ مِمَّنْ وَقَعَ مِنْهُ الْقَتْلُ لِغَيْرِهِ فِي الْفِتْنَةِ سَوَاءٌ كَانَ بَاغِيًا أَوْ مَبْغِيًّا عَلَيْهِ. وَقَدْ ذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْإِمَامُ يَحْيَى إلَى أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوا: أَيْ الْبُغَاةُ. وَحَكَى أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ الْهَادَوِيَّةِ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤْخَذُ مَالٌ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ إلَّا مَا وُجِدَ بِعَيْنِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ أَمْوَالِ الْبُغَاةِ إلَّا مَا كَانَ مِنْهَا مَوْجُودًا عِنْدَ الْقِتَالِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ وَلَا اغْتِنَامُ مَا لَمْ يَجْلِبُوا بِهِ إجْمَاعًا لِبَقَائِهِمْ عَلَى الْمِلَّةِ. وَحُكِيَ عَنْ أَكْثَرِ الْعِتْرَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ اغْتِنَامُ مَا أَجَلَبُوا بِهِ مِنْ مَالٍ وَآلَةِ حَرْبٍ. وَحُكِيَ عَنْ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُغْنَمُ مِنْهُمْ شَيْءٌ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ بِلَفْظِ: " وَلَا يَغْنَمْ مِنْهُمْ " وَاعْلَمْ أَنَّ قِتَالَ الْبُغَاةِ جَائِزٌ إجْمَاعًا كَمَا حُكِيَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [الحجرات: ٩] وَقَدْ حُكِيَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْعِتْرَةِ جَمِيعًا أَنَّ جِهَادَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ جِهَادِ الْكُفَّارِ إلَى دِيَارِهِمْ إذْ فِعْلُهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَفِعْلِ الْفَاحِشَةِ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا: وَالْبَغْيُ فِسْقٌ إجْمَاعًا.
[بَابُ الصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ وَتَرْكِ قِتَالِهِمْ وَالْكَفِّ عَنْ إقَامَةِ السَّيْفِ]
قَوْلُهُ: (فَلْيَصْبِرْ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: " فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ ". قَوْلُهُ: (مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ كِنَايَةً عَنْ مَعْصِيَةِ السُّلْطَانِ وَمُحَارِبَتِهِ. قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute