وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَأَهْدَاهَا إلَيْهِ عَامًا وَقَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّهَا قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَفَلَا أَبِيعُهَا؟ فَقَالَ: إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا، قَالَ: أَفَلَا أُكَارِمُ بِهَا الْيَهُودَ؟ قَالَ: إنَّ الَّذِي حَرَّمَهَا حَرَّمَ أَنْ يُكَارَمَ بِهَا الْيَهُودُ، قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: شِنَّهَا عَلَى الْبَطْحَاءِ» رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ) .
٣٦٨٩ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «نَزَلَ فِي الْخَمْرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ نَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [البقرة: ٢١٩] الْآيَةَ فَقِيلَ حُرِّمَتْ الْخَمْرُ، فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَنْتَفِعُ بِهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَسَكَتَ عَنْهُمْ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣] فَقِيلَ: حُرِّمَتْ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه إنَّا لَا نَشْرَبُهَا قُرْبَ الصَّلَاةِ، فَسَكَتَ عَنْهُمْ، ثُمَّ نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: ٩٠] الْآيَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: حُرِّمَتْ الْخَمْرُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ) .
٣٦٩٠ - (وَعَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: صَنَعَ لَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ طَعَامًا فَدَعَانَا وَسَقَانَا مِنْ الْخَمْرِ، فَأَخَذَتْ الْخَمْرُ مِنَّا، وَقَدْ حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَقَدَّمُونِي، فَقَرَأْتُ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ] [بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَنَسْخِ إبَاحَتِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ]
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْأَوَّلُ: إسْنَادُهُ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ هَكَذَا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إلَّا مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ فَصَدُوقٌ لَكِنَّهُ يُخْطِئُ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيّ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ بِحُجَّةِ. وَحَدِيثُ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ آخِرَ الْبَحْثِ قَوْلُهُ: (مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْخَفِيفَةِ مِنْ الْحِرْمَانِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " لَمْ يَتُبْ مِنْهَا " أَيْ مِنْ شُرْبِهَا فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ.
قَالَ الْخَطَّابِيِّ وَالْبَغَوِيِّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: مَعْنَى الْحَدِيثِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لِأَنَّ الْخَمْرَ شَرَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا حُرِمَ شُرْبَهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ يَدُلُّ عَلَى حِرْمَانِ دُخُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute