بَابُ اخْتِصَاصِ الْمَسْحِ بِظَهْرِ الْخُفّ
٢٣٥ - (عَنْ «عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ، لَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ)
ــ
[نيل الأوطار]
الْمُصَنِّفُ فِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ تَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَمْ يَحُدَّ الْمَسْحَ بِوَقْتٍ لَوْلَا مَا عَارَضَ تَصْحِيحَ ابْنِ حِبَّانَ لَهَا مِنْ الِاتِّفَاقِ مِمَّنْ عَدَاهُ عَلَى ضَعْفِهَا، وَأَيْضًا قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: لَوْ ثَبَتَتْ لَمْ تَقُمْ بِهَا حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ التَّوْقِيتِ مَظْنُونَةٌ أَنَّهُمْ لَوْ سَأَلُوا زَادَهُمْ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ لَمْ يَسْأَلُوا وَلَا زِيدُوا فَكَيْفَ تَثْبُتُ زِيَادَةٌ بِخَبَرٍ دَلَّ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهَا اهـ. وَغَايَتُهَا بَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّتِهَا أَنَّ الصَّحَابِيَّ ظَنَّ ذَلِكَ وَلَمْ نَتَعَبَّدْ بِمِثْلِ هَذَا، وَلَا قَالَ أَحَدٌ: إنَّهُ حُجَّةٌ، وَقَدْ وَرَدَ تَوْقِيتُ الْمَسْحِ بِالثَّلَاثِ، وَالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَظُنُّوا مَا ظَنَّهُ خُزَيْمَةُ، وَوَرَدَ ذِكْرُ الْمَسْحِ بِدُونِ تَوْقِيتٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ، وَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، رُوَاتُهُ عَنْ آخِرِهِمْ ثِقَاتٌ. وَعَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةِ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضًا.
[بَابُ اخْتِصَاصِ الْمَسْحِ بِظَهْرِ الْخُفّ]
الْحَدِيثُ قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، قُلْت: وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ خَيْرُ بْنُ يَزِيدَ الْهَمْدَانِيِّ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيّ، وَأَمَّا قَوْلُ الْبَيْهَقِيّ: لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ صَاحِبَا الصَّحِيحِ، فَلَيْسَ بِقَادِحٍ بِالِاتِّفَاقِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ الْمَشْرُوعَ وَهُوَ مَسْحُ ظَاهِرِ الْخُفِّ دُونَ بَاطِنِهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.
وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَرُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى أَنَّهُ يُمْسَحُ ظُهُورُهُمَا وَبُطُونُهُمَا، قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: إنْ مَسَحَ ظُهُورَهُمَا دُونَ بُطُونِهِمَا أَجْزَأَهُ. قَالَ مَالِكٌ: مَنْ مَسَحَ بَاطِنَ الْخُفَّيْنِ دُونَ ظَاهِرِهِمَا لَمْ يُجْزِهِ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ، وَرُوِيَ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ. وَالْمَشْهُورُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَنْ مَسَحَ ظُهُورَهُمَا، وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ أَجْزَأَهُ، وَمَنْ مَسَحَ بَاطِنَهُمَا دُونَ ظَاهِرِهِمَا لَمْ يُجْزِهِ، وَلَيْسَ بِمَاسِحٍ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: إنَّ مَنْ مَسَحَ بُطُونَهُمَا، وَلَمْ يَمْسَحْ ظُهُورَهُمَا أَجْزَأَهُ، وَالْوَاجِبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَسْحُ قَدْرِ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ مَسْحُ أَكْثَرِ الْخُفِّ.
وَرُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْوَاجِبَ مَا يُسَمَّى مَسْحًا. قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ لَمَّا ذَكَرَ حَدِيثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute