للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ إبَاحَةِ يَسِيرِ ذَلِكَ كَالْعَلَمِ وَالرُّقْعَةِ.

٥٥١ - (عَنْ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ إلَّا هَكَذَا، وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُصْبُعَيْهِ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ وَضَمَّهُمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظٍ. نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَزَادَ فِيهِ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد: وَأَشَارَ بِكَفِّهِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ إبَاحَةِ يَسِيرِ ذَلِكَ كَالْعَلَمِ وَالرُّقْعَةِ]

الْحَدِيثُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَحِلُّ مِنْ الْحَرِيرِ مِقْدَارُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ كَالطِّرَازِ وَالسِّجَافِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُرَكَّبِ عَلَى الثَّوْبِ وَالْمَنْسُوجِ وَالْمَعْمُولِ بِالْإِبْرَةِ وَالتَّرْقِيعِ كَالتَّطْرِيزِ وَيَحْرُمُ الزَّائِدُ عَلَى الْأَرْبَعِ مِنْ الْحَرِيرِ وَمِنْ الذَّهَبِ بِالْأَوْلَى وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ أَغْرَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالَ: يَجُوزُ الْعَلَمُ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ.

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ مِنْ الْمِقْدَارِ الْمُسْتَثْنَى فِي الْحَدِيثِ، وَلَا أَظُنَّ ذَلِكَ يَصِحُّ عَنْهُ، وَذَهَبْت الْهَادَوِيَّةُ إلَى تَحْرِيمِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ الْأَصَابِعِ، وَرِوَايَةُ الْأَرْبَعِ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَهِيَ زِيَادَةٌ صَحِيحَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَتَعَيَّنَ الْأَخْذُ بِهَا.

٥٥٢ - ( «وَعَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ عَلَيْهَا لَبِنَةُ شَبْرٍ مِنْ دِيبَاجٍ كَسْرَوَانِيٍّ وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِهِ، فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَلْبَسُهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلَمَّا قُبِضَتْ عَائِشَةُ قَبْضَتُهَا إلَيَّ فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرِيضِ يُسْتَشْفَى بِهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الشَّبْرِ) .

قَوْلُهُ: (جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ) هُوَ بِإِضَافَةِ جُبَّةٍ إلَى طَيَالِسَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ وَالطَّيَالِسَةُ: جَمْعُ طَيْلَسَانَ وَهُوَ كِسَاءٌ غَلِيظٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْجُبَّةَ غَلِيظَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ طَيْلَسَانَ.

قَوْلُهُ: (كِسْرَوانِيٍّ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِ الْوَاوِ نِسْبَةً إلَى كِسْرَى مَلِكِ الْفُرْسِ.

قَوْلُهُ: (وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ) الْفَرْجُ فِي الثَّوْبِ الشِّقُّ الَّذِي يَكُونُ أَمَامَ الثَّوْبِ وَخَلْفَهُ فِي أَسْفَلِهَا وَهُمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فَرْجَيْهَا. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ مَا فِيهِ مِنْ الْحَرِيرِ هَذَا الْمِقْدَارُ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرْبَعُ أَصَابِعَ أَوْ دُونَهَا أَوْ فَوْقَهَا، إذَا لَمْ يَكُنْ مُصْمَتًا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَلَكِنَّهُ يَأْبَى الْحَمْلَ عَلَى الْأَرْبَعِ فَمَا دُونَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ " شَبْرٍ مِنْ دِيبَاجٍ " وَعَلَى غَيْرِ الْمُصْمَتِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ دِيبَاجٍ) فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا مِنْ دِيبَاجٍ فَقَطْ لَا مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُصَارَ إلَى الْمَجَازِ لِلْجَمْعِ كَمَا ذُكِرَ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ بِالشَّبْرِ لِطُولِ تِلْكَ اللَّبِنَةِ لَا لِعَرْضِهَا فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>