للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ بَيَانِ الْعَوْرَةِ وَحَدِّهَا

٥١٥ - (عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُبْرِزْ فَخِذَك، وَلَا تَنْظُرْ إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ) .

ــ

[نيل الأوطار]

لَهُمَا النَّظَرُ إلَى ذَلِكَ مِنْهُ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِغَيْرِ مَنْ اُسْتُثْنِيَ، وَمِنْهُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةُ لِلْمَرْأَةِ، وَكَمَا دَلَّ مَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ مَنْطُوقُ قَوْلِهِ: " فَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ " وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعَرِّي فِي الْخَلَاءِ غَيْرُ جَائِزٍ مُطْلَقًا

وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْبُخَارِيُّ عَلَى جَوَازِهِ فِي الْغُسْلِ بِقِصَّةِ مُوسَى وَأَيُّوبَ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّي فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إلَّا عِنْدَ الْغَائِطَ، وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى أَهْلِهِ فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ» . وَيَدُلُّ عَلَى مَا أَشْعَرَ بِهِ الْحَدِيثُ مَفْهُومًا وَمَنْطُوقًا مِنْ عَدَمِ جَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةُ إلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ»

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ السَّتْرِ لِلْعَوْرَةِ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: " احْفَظْ عَوْرَتَك " وَقَوْلُهُ: " فَلَا يَرَيَنَّهَا " وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَتَمَسَّكُوا بِأَنَّ تَعْلِيقَ الْأَمْرِ بِالِاسْتِطَاعَةِ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ الْأَمْرَ إلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ الَّذِي هُوَ النَّدْبُ. وَرُدَّ بِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ مُسْتَطَاعٌ لِكُلِّ أَحَدٍ فَهُوَ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي يُرَادُ بِهَا التَّهْيِيجُ وَالْإِلْهَابُ كَمَا عُلِمَ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ، وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِمَا سَيَأْتِي مِنْ كَشْفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَخِذِهِ وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَلَيْهِ، وَالْحَقُّ وُجُوبُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ إلَّا وَقْتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَإِفْضَاءِ الرَّجُلِ إلَى أَهْلِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ، وَعِنْدَ الْغُسْلِ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي مَرَّ فِي الْغُسْلِ وَمِنْ جَمِيعِ الْأَشْخَاصِ إلَّا فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَالطَّبِيبِ وَالشَّاهِدِ وَالْحَاكِمِ عَلَى نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ. .

[بَابُ بَيَانِ الْعَوْرَةِ وَحَدِّهَا]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَفِيهِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ حَبِيبٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْت عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: إنَّ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا هُوَ الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>