للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٢٢ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «زَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: اسْتَأْذَنْت رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ)

١٥٢٣ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

١٥٢٤ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: «أَنَّ عَائِشَةَ أَقْبَلَتْ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ الْمَقَابِرِ فَقُلْت لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْت؟ قَالَتْ: مِنْ قَبْرِ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقُلْت لَهَا:

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَمَا يُقَالُ عِنْدَ دُخُولِهَا]

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْحَدِيثُ الثَّانِي عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ إلَى جَمَاعَةٍ بِدُونِ اسْتِثْنَاءٍ وَلَمْ أَجِدْهُ فِي الْبُخَارِيِّ وَلَا عَزَاهُ غَيْرُهُ إلَيْهِ فَيُنْظَرُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ وَفِي إسْنَادِهِ أَيُّوبُ بْنُ هَانِئٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْحَاكِمِ وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِيهَا مَشْرُوعِيَّةُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَنَسْخُ النَّهْيِ عَنْ الزِّيَارَةِ وَقَدْ حَكَى الْحَازِمِيُّ وَالْعَبْدَرِيُّ وَالنَّوَوِيُّ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ لِلرِّجَالِ جَائِزَةٌ قَالَ الْحَافِظُ: كَذَا أَطْلَقُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرَهُ رَوَوْا عَنْ ابْنِ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ مُطْلَقًا حَتَّى قَالَ الشَّعْبِيُّ: لَوْلَا نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَزُرْت قَبْرَ ابْنَتِي فَلَعَلَّ مَنْ أَطْلَقَ أَرَادَ بِالِاتِّفَاقِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بَعْدَ هَؤُلَاءِ، وَكَأَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَبْلُغْهُمْ النَّاسِخُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ إلَى أَنَّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ وَاجِبَةٌ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعُمْرِ لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهَا، وَهَذَا يَتَنَزَّلُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَمْرِ بَعْدَ النَّهْيِ هَلْ يُفِيدُ الْوُجُوبَ أَوْ مُجَرَّدَ الْإِبَاحَةِ فَقَطْ، وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ مُسْتَوْفَى فِي الْأُصُولِ قَوْلُهُ: (فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ زِيَارَةِ قَبْرِ الْقَرِيبِ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ الْإِسْلَامَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: سَبَبُ زِيَارَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْرَهَا أَنَّهُ قَصَدَ قُوَّةَ الْمَوْعِظَةِ وَالذِّكْرَى بِمُشَاهَدَةِ قَبْرِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: «فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْمَوْتَ» قَوْلُهُ: (فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِغْفَارِ لِمَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>