بَابُ الصَّلَاةِ عَقِيبَ الطَّهُورِ
٩٦٤ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ: يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْته فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: مَا عَمِلْت عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُورًا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إلَّا صَلَيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
[نيل الأوطار]
الْفَرِيضَةُ، فَإِنَّهَا لَا تُشْرَعُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» .
[بَابُ الصَّلَاةِ عَقِيبَ الطَّهُورِ]
قَوْلُهُ: (لِبِلَالٍ) هُوَ ابْنُ رَبَاحٍ الْمُؤَذِّنُ قَوْلُهُ: (عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْمَنَامِ لِأَنَّ عَادَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَعْبُرُ مَا رَآهُ وَيَعْبُرُ مَا رَآهُ أَصْحَابُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ كَمَا وَرَدَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ، وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ قَوْلُهُ: (بِأَرْجَى عَمَلٍ) بِلَفْظِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ وَإِضَافَةُ الرَّجَاءِ إلَى الْعَمَلِ لِأَنَّهُ السَّبَبُ الدَّاعِي إلَيْهِ قَوْلُهُ: (فِي الْإِسْلَامِ) زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ " مَنْفَعَة عِنْدَكَ "، قَوْلُهُ: (فَإِنِّي سَمِعْتُ) زَادَ مُسْلِمٌ " اللَّيْلَةَ " وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْمَنَامِ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (دَفَّ نَعْلَيْكَ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَثْقِيلِ الْفَاءِ، وَضَبَطَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ.
قَالَ الْخَلِيلُ: دَفَّ الطَّائِرُ إذَا حَرَّكَ جَنَاحَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رِجْلَيْهِ، وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: الدَّفُّ: الْحَرَكَةُ الْخَفِيفَةُ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ " خَشْفَ نَعْلَيْكَ " بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: الْخَشْفُ: الْحَرَكَةُ الْخَفِيفَةُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا " خَشْخَشَة " بِمُعْجَمَتَيْنِ مُكَرَّرَتَيْنِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْحَرَكَةِ أَيْضًا قَوْلُهُ: (أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَمِنْ مُقَدَّرَةٌ قَبْلَهُ صِلَةٌ لِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ: (مَا كُتِبَ لِي) أَيْ قُدِّرَ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: إنَّمَا اعْتَقَدَ بِلَالٌ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ وَأَنَّ عَمَلَ السِّرِّ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ الْجَهْرِ. وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَنْدَفِعُ إيرَادُ مَنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَلِلْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِي تَوْقِيتِ الْعِبَادَةِ وَالْحَثِّ عَلَى الصَّلَاةِ عَقِيبَ الْوُضُوءِ وَسُؤَالِ الشَّيْخِ عَنْ عَمَلِ تِلْمِيذِهِ فَيَحُضُّهُ عَلَيْهِ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: " فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ "
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِعُمُومِهِ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِعُمُومِ النَّهْي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute