. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا وَاسْتِلَامِ الرُّكْنِ بَعْدَهُمَا]
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَقَدَّمَ فِي بَابِ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْيَمَانِي وَكَذَلِكَ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُشَارُ إلَيْهِ تَقَدَّمَ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَكَذَلِكَ بَابُ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْيَمَانِي وَفِي بَابِ الطَّوَافِ رَاكِبًا قَوْلُهُ: (وَاتَّخِذُوا) فِي الرِّوَايَاتِ بِكَسْرِ الْخَاءِ عَلَى الْأَمْرِ وَهِيَ إحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ وَالْأُخْرَى بِالْفَتْحِ عَلَى الْخَبَرِ، وَالْأَمْرُ دَالٌّ عَلَى الْوُجُوبِ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَكِنْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ إلَى جَمِيعِ جِهَاتِ الْكَعْبَةِ فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ التَّخْصِيصِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ الَّذِي فِيهِ أَثَرُ قَدَمَيْهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ الْآنَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمُرَادُ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ الْحَرَمُ كُلُّهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ قَوْلُهُ: (فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ) . . . إلَخْ، فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْقِرَاءَةِ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَاسْتِلَامِ الرُّكْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: إلَى أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ وَبِهِ قَالَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَاسْتَدَلُّوا بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا إنَّمَا هُوَ بِاِتِّخَاذِ الْمُصَلَّى لَا بِالصَّلَاةِ.
وَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّ قَوْلَهُ: مُصَلَّى أَيْ: قِبْلَةً وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ: مُدَّعًى يُدْعَى عِنْدَهُ قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى فِيهِ بَلْ عِنْدَهُ قَالَ: وَيَتَرَجَّحُ قَوْلُ الْحَسَنِ بِأَنَّهُ جَارٍ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَاسْتَدَلُّوا ثَانِيًا بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ وَلَازِمُ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَتِهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ قَالُوا: وَهِيَ بَيَانُ مُجْمَلٍ وَاجِبٍ فَيَكُونُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ وَاجِبًا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَالنَّاصِرُ: إنَّهُمَا سُنَّةٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ لَمَّا «قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَقَدْ أَسْلَفْنَا فِي الصَّلَاةِ الْجَوَابَ عَنْ هَذَا الدَّلِيلِ قَوْلُهُ: (إلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إنَّهَا لَا تُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ عَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نَفْلًا أَوْ فَرْضًا؛ لِأَنَّ الصُّبْحَ رَكْعَتَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute