بَابُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا وَاسْتِلَامِ الرُّكْنِ بَعْدَهُمَا رَوَاهُمَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَقَدْ سَبَقَ
١٩٨٠ - (وَعَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا انْتَهَى إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ قَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥] فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ: فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، ثُمَّ عَادَ إلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّفَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: إنَّ عَطَاءَ يَقُولُ: تُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، فَقَالَ: السُّنَّةُ أَفْضَلُ لَمْ يَطُفْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسْبُوعًا إلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
الشَّافِعِيُّ وَقَالَ: لَا أَعْلَمُهُ اشْتَكَى فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ قَوْلُهُ: طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ هَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ طَوَافِ الرَّاكِبِ فِي الْمَطَافِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَا دَلِيلَ فِي طَوَافِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِبًا عَلَى جَوَازِ الطَّوَافِ رَاكِبًا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ إلَّا أَنَّ الْمَشْيَ أَوْلَى وَالرُّكُوبُ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا قَالَ: وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ الْمَنْعُ لِأَنَّ طَوَافَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَا أُمُّ سَلَمَةَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُحَوَّطَ الْمَسْجِدُ فَإِذَا حُوِّطَ امْتَنَعَ دَاخِلَهُ إذْ لَا يُؤْمَنُ التَّلْوِيثُ فَلَا يَجُوزُ بَعْدَ التَّحْوِيطِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَحْرُمُ التَّلْوِيثُ كَمَا فِي السَّعْيِ قَوْلُهُ: (لَأَنْ يَرَاهُ النَّاسُ) . . . إلَخْ، فِيهِ بَيَانُ الْعِلَّةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا طَافَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِبًا وَكَذَلِكَ قَوْلُ عَائِشَةَ: كَرَاهِيَةَ أَنْ يَصْرِفَ النَّاسُ عَنْهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: كَرَاهِيَةَ أَنْ يَضْرِبَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَهُوَ يَشْتَكِي، وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ: بَابُ الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ: فَلَمَّا كَثُرُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ كُلَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ طَوَافَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لِعُذْرٍ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ وَقَدْ اسْتَدَلَّ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ بِطَوَافِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِبًا عَلَى طَهَارَةِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثِهِ قَالُوا:؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ ذَلِكَ عَلَى الْبَعِيرِ وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا عَرَضَ الْمَسْجِدَ لَهُ وَيُرَدُّ ذَلِكَ بِوُجُوهٍ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إذْ ذَاكَ قَدْ حُوِّطَ الْمَسْجِدُ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ لَازِمِ الطَّوَافِ عَلَى الْبَعِيرِ أَنْ يَبُولَ وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّهُ يَطْهُرُ مِنْهُ الْمَسْجِدُ كَمَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّ إدْخَالَ الصِّبْيَانِ الْأَطْفَالِ الْمَسْجِدَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ بَوْلُهُمْ وَأَمَّا رَابِعًا فَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ رَاحِلَتُهُ عُصِمَتْ مِنْ التَّلْوِيثِ حِينَئِذٍ كَرَامَةً لَهُ.
قَوْلُهُ: (صَدَقُوا وَكَذَبُوا) . . . إلَخْ، لَفْظُ أَبِي دَاوُد: قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا قُلْتُ: مَا صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ: صَدَقُوا قَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرٍ، وَكَذَبُوا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلرَّاكِبِ لِعُذْرٍ قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا مَا لَفْظُهُ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ انْتَهَى يَعْنِي: نَفْيَ كَوْنِ الطَّوَافِ بِصِفَةِ الرُّكُوبِ سُنَّةً بَلْ الطَّوَافُ مِنْ الْمَاشِي أَفْضَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute