للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا جَاءَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَكَرَاهَةِ الْإِحْرَامِ بِهِ قَبْلَهَا

١٨٢١ - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُحْرَمَ بِالْحَجِّ إلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " أَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ) .

١٨٢٢ - (وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِيمَنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنَى: لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَيَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)

١٨٢٣ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ، فَقَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ فَقَالُوا: يَوْمُ النَّحْرِ، قَالَ: هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ)

ــ

[نيل الأوطار]

قَدَّمَ تَحْرِيمَ الصَّيْدِ عَلَيْهِمْ وَهُمْ مُحْرِمُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ١] وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا إحْرَامَ إلَّا عَنْ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِإِبَاحَةِ الصَّيْدِ لَهُمْ إذَا حَلُّوا فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ. وَاسْتَدَلُّوا ثَانِيًا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِ: «لَا يَدْخُل أَحَدٌ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا» قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْهَيْنِ ضَعِيفَيْنِ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ: " لَا يَدْخُلْ أَحَدٌ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ إلَّا الْحَطَّابِينَ وَالْعَمَّالِينَ وَأَصْحَابَ مَنَافِعِهَا " وَفِي إسْنَادِهِ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ. وَقَدْ اعْتَذَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ تِلْكَ الطُّرُقِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ، وَلَا حُجَّةَ فِيمَا عَدَاهَا، ثُمَّ عَارَضَ مَا ظَنَّهُ مَوْقُوفًا بِمَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، فَإِنْ صَحَّ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْوَقْفِ فَلَيْسَ فِي إيجَابِ الْإِحْرَامِ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْمُجَاوَزَةَ لِغَيْرِ النُّسُكَيْنِ دَلِيلٌ، وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْتَلِفُونَ إلَى مَكَّةَ لِحَوَائِجِهِمْ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ بِإِحْرَامٍ كَقِصَّةِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَلَاطٍ، وَكَذَلِكَ قِصَّةُ أَبِي قَتَادَةَ لَمَّا عَقَرَ حِمَارَ الْوَحْشِ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ وَهُوَ حَلَالٌ، وَقَدْ كَانَ أَرْسَلَهُ لِغَرَضٍ قَبْلَ الْحَجِّ فَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ لَا بِنِيَّةِ الْحَجِّ وَلَا الْعُمْرَةِ، فَقَرَّرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا سِيَّمَا مَعَ مَا يَقْضِي بِعَدَمِ الْوُجُوب مِنْ اسْتِصْحَابِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ إلَى أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ يُنْقَلُ عَنْهَا

[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَكَرَاهَةِ الْإِحْرَامِ بِهِ قَبْلَهَا] .

<<  <  ج: ص:  >  >>