بَابُ جَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ
١٨٢٤ - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «عُمْرَةُ رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ لَكِنَّهُ لَهُ مِنْ حَدِيثٍ أُمِّ مَعْقِلٍ) .
١٨٢٥ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ أَرْبَعًا إحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
قَوْلُهُ: (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ) عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَوَصَلَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ. وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْهُ بِلَفْظِ: " لَا يُحْرَمُ بِالْحَجِّ إلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ " وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ بِلَفْظِ: «لَا يَصْلُحُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ أَحَدٌ إلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ» . قَوْلُهُ: (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ) عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَوْلُهُ: (وَيَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ) إنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ تَمَامَ أَعْمَالِ الْحَجِّ يَكُونُ فِيهِ، أَوْ إشَارَةً بِالْأَكْبَرِ إلَى الْأَصْغَرِ، أَعْنِي الْعُمْرَةَ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الْآثَارِ عَلَى كَرَاهَةِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ.
وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ إلَّا فِيهَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَلَيْسَ فِي الْبَابِ إلَّا أَقْوَالُ صَحَابَةٍ إلَّا أَنْ يَصِحَّ مَا ذَكَرْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ: " فَإِنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ. . . إلَخْ " فَإِنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَهَا حُكْمُ الرَّفْعِ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي آخِرِ بَابِ الْمَوَاقِيتِ مَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْإِحْرَامِ مِنْ دُوَيْرَةِ الْأَهْلِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقَ بَيْن مَنْ يُفَارِقُ دُوَيْرَةَ أَهْلِهِ قَبْلَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهَا، إلَّا أَنَّهُ يُقَوِّي الْمَنْعَ مِنْ الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ضَرَبَ لِأَعْمَالِ الْحَجِّ أَشْهُرًا مَعْلُومَةً، وَالْإِحْرَامُ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، فَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَصِحُّ قَبْلَهَا فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِأَشْهُرِ الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ أَوَّلُهَا شَوَّالٌ لَكِنْ اخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ بِكَمَالِهَا أَوْ شَهْرَانِ وَبَعْض الثَّالِثِ؟ فَذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ مَالِكٌ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ غَيْرُهُمَا مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى الثَّانِي، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَآخَرُونَ: عَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهَلْ يَدْخُلُ يَوْمُ النَّحْرِ أَوْ لَا؟ فَقَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ: نَعَمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ الْمُصَحَّحِ عَنْهُ: لَا وَقَالَ بَعْضُ أَتْبَاعِهِ: تِسْعٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَلَا يَصِحُّ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَلَا فِي لَيْلَتِهِ وَهُوَ شَاذٌّ، وَيَرُدُّ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ يَوْمَ النَّحْرِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَوْمِ النَّحْرِ: " هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ " كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute