بَابُ نَهْيِ الرِّجَالِ عَنْ الْمُعَصْفَرِ وَمَا جَاءَ فِي الْأَحْمَرِ
٥٦٠ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
«يُمْسَخُ قَوْمٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: بَلَى وَيَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ قَالُوا: فَمَا بَالُهُمْ؟ قَالَ: اتَّخَذُوا الْمَعَازِفَ وَالدُّفُوفَ وَالْقَيْنَاتِ فَبَاتُوا عَلَى شُرْبِهِمْ وَلَهْوِهِمْ فَأَصْبَحُوا وَقَدْ مُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ وَلَيَمُرَّنَّ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ فِي حَانُوتِهِ يَبِيعُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ، وَقَدْ مُسِخَ قِرْدًا أَوْ خِنْزِيرًا» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْشِيَ الرَّجُلَانِ فِي الْأَمْرِ فَيُمْسَخَ أَحَدُهُمَا قِرْدًا أَوْ خِنْزِيرًا، وَلَا يَمْنَعُ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا مَا رَأَى بِصَاحِبِهِ أَنْ يَمْضِيَ إلَى شَأْنِهِ حَتَّى يَقْضِيَ شَهْوَتَهُ
قَوْلُهُ: (وَالْمَعَازِفُ) بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ فَزَايٍ مُعْجَمَةٍ، وَهِيَ أَصْوَاتُ الْمَلَاهِي، قَالَهُ ابْنُ رَسْلَانَ، وَفِي الْقَامُوسِ الْمَعَازِفُ: الْمَلَاهِي كَالْعُودِ وَالطُّنْبُورِ انْتَهَى.
وَالْكَلَامُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَبِي دَاوُد بِقَوْلِهِ: وَذَكَرَ كَلَامًا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ «وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَتِهِ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ عَلَيْهِمْ» انْتَهَى. وَالْعَلَمُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ هُوَ الْجَبَلُ، وَمَعْنَى يَضَعُ الْعَلَمَ عَلَيْهِمْ أَيْ يُدَكْدِكُهُ عَلَيْهِمْ فَيَقَعُ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ لِلتَّوَعُّدِ عَلَيْهَا بِالْخَسْفِ وَالْمَسْخِ وَإِنَّمَا لَمْ يُسْنِدْ الْبُخَارِيُّ الْحَدِيثَ بَلْ عَلَّقَهُ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ مِنْ صَحِيحِهِ لِأَجْلِ الشَّكِّ الْوَاقِعِ مِنْ الْمُحَدِّثِ، حَيْثُ قَالَ أَبُو عَامِرٍ وَأَبُو مَالِكٍ، وَأَبُو عَامِرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَانِئٍ الْأَشْعَرِيُّ صَحَابِيٌّ نَزَلَ الشَّامَ وَقِيلَ: هُوَ عُبَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو مَالِكٍ هُوَ الْحَارِثُ، وَقِيلَ: كَعْبُ بْنُ عَاصِمٍ صَحَابِيٌّ يُعَدُّ فِي الشَّامِيِّينَ.
[بَابُ نَهْيِ الرِّجَالِ عَنْ الْمُعَصْفَرِ وَمَا جَاءَ فِي الْأَحْمَرِ]
قَوْلُهُ: (مُعَصْفَرَيْنِ) الْمُعَصْفَرُ هُوَ الْمَصْبُوغُ بِالْعُصْفُرِ كَمَا فِي كِتَابِ اللُّغَةِ وَشُرُوحِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ لُبْسِ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِعُصْفُرٍ وَهُمْ الْعِتْرَةُ، وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو وَحَدِيثِ عَلِيٍّ الْمَذْكُورَيْنِ بَعْدَ هَذَا وَغَيْرِهِمَا وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ. وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ إلَى الْإِبَاحَةِ، كَذَا قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ قَالَ: وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِالْكَرَاهَةِ لِلتَّنْزِيهِ، وَحَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى هَذَا لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute