للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ أَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَأَنَّهُ جَائِزٌ عَلَى الرَّاحِلَةِ

٩١٣ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

٩١٤ - (وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَهَيْئَةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَلَفْظُهُ: إنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ، وَلَا كَصَلَاتِكُمْ الْمَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْتَرَ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ) » .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَاب مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ سُنَّةِ الْعَصْرِ]

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ لَهُ طُرُقٌ وَأَلْفَاظٌ، هَذَا الَّذِي ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَحَدَهَا. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ قَوْلُهُ: عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْل الْعَصْر، بَلْ فِيهِ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ شُغِلَ عَنْهُمَا هُمَا الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ. وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ فِي إسْنَادِهِ حَنْظَلَةُ السَّدُوسِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ، وَأَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ.

وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قَضَاءِ رَكْعَتَيْ الْعَصْرِ بَعْدَ فِعْلِ الْفَرِيضَةِ، فَيَكُونُ قَضَاؤُهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ. وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا. وَأَمَّا الْمُدَاوَمَةُ عَلَى ذَلِكَ فَمُخْتَصَّةٌ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ

وَاعْلَمْ أَنَّهَا قَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي النَّافِلَةِ الْمَقْضِيَّةِ بَعْدَ الْعَصْرِ هَلْ هِيَ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ الْمُتَعَلِّقَتَانِ بِهِ، أَوْ هِيَ سُنَّةُ الْعَصْرِ الْمَفْعُولَةُ قَبْلَهُ؟ فَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُمَا رَكْعَتَا الظُّهْرِ، وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّهُمَا رَكْعَتَا الْعَصْرِ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنْ يَكُونَ مُرَادُ مَنْ قَالَ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَمَنْ قَالَ قَبْلَ الْعَصْرِ: الْوَقْتُ الَّذِي بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْجَمِيعِ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْمَفْعُولَةَ بَعْدَهُ، أَوْ سُنَّةَ الْعَصْرِ الْمَفْعُولَةَ قَبْلَهُ. وَأَمَّا الْجَمْعُ بِتَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُغِلَ تَارَةً عَنْ أَحَدِهِمَا وَتَارَةً عَنْ الْأُخْرَى فَبَعِيدٌ، لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّهُ دَاوَمَ عَلَيْهِمَا، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَلَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>