بَابُ مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ سُنَّةِ الْعَصْرِ.
٩١٠ - (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ، ثُمَّ إنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا، أَوْ نَسِيَهُمَا، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا، وَكَانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ) .
٩١١ - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «شُغِلَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ.» رَوَاهُ النَّسَائِيّ) .
٩١٢ - (وَعَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُجَهِّزُ بَعْثًا، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ظَهْرٌ، فَجَاءَهُ ظَهْرٌ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَ يُقَسِّمُهُ بَيْنَهُمْ، فَحَبَسُوهُ حَتَّى أَرْهَقَ الْعَصْرُ، وَكَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى مَا كَانَ يُصَلِّي قَبْلَهَا، وَكَانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أَوْ فَعَلَ شَيْئًا يُحِبُّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
أَيْضًا عَنْهَا «مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِينِي فِي يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» . وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ رِوَايَةِ النَّفْيِ، وَرِوَايَاتِ الْإِثْبَاتِ بِحَمْلِ النَّفْيِ عَلَى الْمَسْجِدِ: أَيْ لَمْ يَفْعَلْهُمَا فِي الْمَسْجِدِ. وَالْإِثْبَاتِ عَلَى الْبَيْتِ
وَقَدْ تَمَسَّكَ بِحَدِيثِ الْبَابِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَمَنْ أَجَازَ التَّنَفُّلَ بَعْدَ الْعَصْرِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَقْصِدْ الصَّلَاةَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَأَجَابَ مَنْ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ، وَيَنْهَى عَنْهُمَا، وَيُوَاصِلُ وَيَنْهَى عَنْ الْوِصَالِ» .
وَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَقْضِيهِمَا إذَا فَاتَا فَقَالَ: لَا " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهِيَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ وَقَدْ احْتَجَّ بِهَا الطَّحَاوِيُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الَّذِي اُخْتُصَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُدَاوَمَةُ عَلَى ذَلِكَ لَا أَصْلُ الْقَضَاءِ اهـ. وَعَلَى تَسْلِيمِ عَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِالْقَضَاءِ بَلْ بِمُجَرَّدِ الْمُدَاوَمَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَذْكُورُ، فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ إلَّا جَوَازُ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ، لَا جَوَازُ التَّنَفُّلِ مُطْلَقًا، وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مَذَاهِبُ يَأْتِي ذِكْرُهَا، وَبَيَانُ الرَّاجِحِ مِنْهَا فِي بَابِ الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا. وَلِلْحَدِيثِ فَوَائِدُ لَيْسَ هَذَا مَحَلَّ بَسْطِهَا، وَقَدْ أَشَارَ فِي الْفَتْحِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْجَنَائِزِ إلَى بَعْضٍ مِنْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute