للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٠٢ - (وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاذٍ التَّيْمِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ بِمِنًى، فَفُتِحَتْ أَسْمَاعُنَا حَتَّى كُنَّا نَسْمَعُ مَا يَقُولُ وَنَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا، فَطَفِقَ يُعَلِّمَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ حَتَّى بَلَغَ الْجِمَارَ، فَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: بِحَصَى الْخَذْفِ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَنَزَلُوا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدَ، وَأَمَرَ الْأَنْصَارَ فَنَزَلُوا مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ نَزَلَ النَّاسُ بَعْد ذَلِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَاب اسْتِحْبَاب الْخُطْبَة يَوْم النَّحْر]

الْأَحَادِيثُ الثَّلَاثَةُ سَكَتَ عَنْهَا أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ، وَرِجَالُ إسْنَادِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ثِقَاتٌ وَكَذَلِكَ رِجَالُ إسْنَادِ الْحَدِيثِ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ رِجَالُ إسْنَادِ الْحَدِيثِ الثَّالِثِ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيّ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ حِبَّانَ وَأَحْمَدَ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَلَهُ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ. وَعَنْ أَبِي كَاهِلٍ الْأَحْمَسِيِّ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَابْنِ مَاجَهْ وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَسَيَأْتِي. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ. وَعَنْ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا وَغَيْرِهِ. وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ. وَعَنْ أَبِي حَرَّةَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عَمِّهِ عِنْدَ أَحْمَدَ أَيْضًا. وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ.

وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَهِيَ تَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ لَا خُطْبَةَ فِيهِ لِلْحَاجِّ، وَأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ إنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْوَصَايَا الْعَامَّةِ، لَا أَنَّهُ خُطْبَةٌ مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ. وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الرُّوَاةَ سَمَّوْهَا خُطْبَةً كَمَا سَمَّوْا الَّتِي وَقَعَتْ بِعَرَفَاتٍ خُطْبَةً، وَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَاتٍ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ خَطَبَ بِعَرَفَاتٍ.

وَالْقَائِلُونَ بِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ هُمْ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ، وَقَالُوا: خُطَبُ الْحَجِّ ثَلَاثٌ: سَابِعُ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ، وَثَانِي يَوْمُ النَّحْرِ، وَوَافَقَهُمْ الشَّافِعِيُّ إلَّا أَنَّهُ قَالَ، بَدَلَ ثَانِي النَّحْرِ: ثَالِثَهُ، وَزَادَ خُطْبَةً رَابِعَةً وَهِيَ يَوْمُ النَّحْرِ، قَالَ: وَبِالنَّاسِ إلَيْهَا حَاجَةٌ لَيَعْمَلُوا أَعْمَالَ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الرَّمْي وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ، وَاسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ. وَتَعَقَّبَهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّ الْخُطْبَةَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ وَصَايَا عَامَّةً كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ: وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ عَلَّمَهُمْ فِيهَا شَيْئًا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحَجِّ يَوْمَ النَّحْر فَعَرَفْنَا أَنَّهَا لَمْ تُقْصَدْ لَأَجْلِ الْحَجِّ.

وَقَالَ ابْنُ الْقِصَارِ: إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجَلِ تَبْلِيغِ مَا ذَكَرَهُ لِكَثْرَةِ الْجَمْعِ الَّذِي اجْتَمَعَ مِنْ أَقَاصِي الدُّنْيَا، فَظَنَّ الَّذِي رَآهُ أَنَّهُ خَطَبَ.

قَالَ: وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ أَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَى تَعْلِيمِهِمْ أَسْبَابَ التَّحَلُّلِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ بِمُتَعَيِّنِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ إيَّاهَا بِمَكَّةَ أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ انْتَهَى. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبَّهَ فِي الْخُطْبَةِ الْمَذْكُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>