للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٩٩ - (وَعَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِيدَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: إنَّا نَخْطُبُ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد) .

بَابُ اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ

١٣٠٠ - (عَنْ الْهِرْمَاسِ بْنِ زِيَادٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءَ يَوْمَ الْأَضْحَى بِمِنًى» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .

١٣٠١ - (وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سَمِعْتُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .

ــ

[نيل الأوطار]

الْمَذْكُورُ أَحَدُ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ وَلَيْسَ قَوْلُ التَّابِعِيِّ: مِنْ السُّنَّةِ، ظَاهِرًا فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِ التَّكْبِيرِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخُطْبَةِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَأَمَّا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ: إنَّهُ تُفْتَتَحُ خُطْبَةُ الِاسْتِسْقَاءِ بِالِاسْتِغْفَارِ وَخُطْبَةُ الْعِيدَيْنِ بِالتَّكْبِيرِ فَلَيْسَ مَعَهُمْ فِيهَا سُنَّةٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْبَتَّةَ، وَالسُّنَّةُ تَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَهُوَ افْتِتَاحُ جَمِيعِ الْخُطَبِ بِالْحَمْدِ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي يُرَجِّحُهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْجُمُعَةِ. وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ تَابِعِيٌّ كَمَا عَرَفْت فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ: " مِنْ السُّنَّةِ " دَلِيلًا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ خُطْبَتَيْ الْعِيدِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ، وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

الْحَدِيثُ قَالَ أَبُو دَاوُد: هُوَ مُرْسَلٌ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ. وَفِيهِ أَنَّ الْجُلُوسَ لِسَمَاعِ خُطْبَةِ الْعِيدِ غَيْرُ وَاجِبٍ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْخُطْبَةَ سُنَّةٌ، إذْ لَوْ وَجَبَتْ وَجَبَ الْجُلُوسُ لَهَا. انْتَهَى.

وَفِيهِ أَنَّ تَخْيِيرَ السَّامِعِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْخُطْبَةِ بَلْ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ سَمَاعِهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يَدُلُّ مِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ سَمَاعُهَا لَا يَجِبْ فِعْلُهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ خِطَابٌ، وَلَا خِطَابَ إلَّا لِمُخَاطَبٍ، فَإِذَا لَمْ يَجِبْ السَّمَاعُ عَلَى الْمُخَاطَبِ لَمْ يَجِبْ الْخِطَابُ. وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُوجِبُونَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَغَيْرُهُمْ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ خُطْبَتِهِ وَلَا أَعْرِفُ قَائِلًا بِوُجُوبِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>