بَابُ ضَرْبِ النِّسَاءِ بِالدُّفِّ لِقُدُومِ الْغَائِبِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ
٣٥٦٦ - (عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إنْ رَدَّك اللَّهُ صَالِحًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنِ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى قَالَ لَهَا: إنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي وَإِلَّا فَلَا، فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَأَلْقَتْ الدُّفَّ تَحْتَ اسْتِهَا ثُمَّ قَعَدَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ، إنِّي كُنْتُ جَالِسًا وَهِيَ تَضْرِبُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، فَلَمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَرُ أَلْقَتْ الدُّفَّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
سَامِعَ مَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ بَلِيَّةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ التَّصَلُّبِ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَلَى حَدٍّ يَقْصُرُ عَنْهُ الْوَصْفُ، وَكَمْ لِهَذِهِ الْوَسِيلَةِ الشَّيْطَانِيَّةِ مِنْ قَتِيلٍ دَمُهُ مَطْلُولٌ، وَأَسِيرٌ بِهُمُومِ غَرَامِهِ وَهُيَامِهِ مَكْبُولٌ، نَسْأَلُ اللَّهَ السَّدَادَ وَالثَّبَاتَ.
وَمَنْ أَرَادَ الِاسْتِيفَاءَ لِلْبَحْثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَعَلَيْهِ بِالرِّسَالَةِ الَّتِي سَمَّيْتُهَا: إبْطَالُ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ مُطْلَقِ السَّمَاعِ.
[بَابُ ضَرْبِ النِّسَاءِ بِالدُّفِّ لِقُدُومِ الْغَائِبِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الْفَاكِهَانِيِّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى جَوَازِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنْ الْغَيْبَةِ.
وَالْقَائِلُونَ بِالتَّحْرِيمِ يَخُصُّونَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَنْعِ. وَأَمَّا الْمُجَوِّزُونَ فَيَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى مُطْلَقِ الْجَوَازِ لِمَا سَلَفَ. وَقَدْ دَلَّتْ الْأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَالْإِذْنُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَذِهِ الْمَرْأَةِ بِالضَّرْبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا فَعَلَتْهُ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَوْطِنِ.
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ لَهَا: " أَوْفِي بِنَذْرِكِ " وَمِنْ جُمْلَةِ مَوَاطِنِ التَّخْصِيصِ لِلَّهْوِ فِي الْعُرْسَاتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوَلِيمَةِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ. وَمِنْ مَوَاطِنِ التَّخْصِيصِ أَيْضًا فِي الْأَعْيَادِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جِوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِنِي بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدٌ وَهَذَا عِيدُنَا» .
وَرَوَى الْمُبَرِّدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ دَاخِلًا فِيهِ بَيْتُهُ تَرَنَّمَ بِالْبَيْتِ وَالْبَيْتَيْنِ. وَرَوَاهُ الْمُعَافَى النَّهْرَوَانِيُّ فِي كِتَابِ الْجَلِيسِ وَالْأَنِيسِ وَابْنُ مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ فِي تَرْجَمَةِ أَسْلَمَ الْحَادِي وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ: حَرِّكْ بِالْقَوْمِ فَانْدَفَعَ يَرْتَجِزُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute