عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيُّ الْوَاجِدِ ظُلْمٌ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ وَكِيعٌ " عِرْضَهُ " شِكَايَتُهُ " وَعُقُوبَتَهُ " حَبْسُهُ)
ــ
[نيل الأوطار]
[كِتَابُ التَّفْلِيسِ] [بَابُ مُلَازَمَةِ الْمَلِيءِ وَإِطْلَاقِ الْمُعْسِرِ]
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ، وَصَحَّحَهُ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ: لَا يُرْوَى عَنْ الشَّرِيدِ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ قَوْلُهُ: (التَّفْلِيسُ) هُوَ مَصْدَرُ فَلَّسْتُهُ: أَيْ: نَسَبْتُهُ إلَى الْإِفْلَاسِ، وَالْمُفْلِسُ شَرْعًا مَنْ يَزِيدُ دَيْنُهُ عَلَى مَوْجُودِهِ، سُمِّيَ مُفْلِسًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ ذَا فُلُوسٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ ذَا دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ، إشَارَةً إلَى أَنَّهُ صَارَ لَا يَمْلِكُ إلَّا أَدْنَى الْأَمْوَالِ وَهِيَ الْفُلُوسُ، أَوْ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ التَّصَرُّفَ إلَّا فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ كَالْفُلُوسِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهَا فِي الْأَشْيَاءِ الْخَطِيرَةِ، أَوْ أَنَّهُ صَارَ إلَى حَالَةٍ لَا يَمْلِكُ فِيهَا. فِلْسًا فَعَلَى هَذَا فَالْهَمْزَةُ فِي أَفْلَسَ لِلسَّلْبِ
قَوْلُهُ: (لَيُّ الْوَاجِدِ) اللَّيُّ بِالْفَتْحِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ: الْمَطْلُ، وَالْوَاجِدُ بِالْجِيمِ: الْغَنِيُّ مِنْ الْوُجْدِ بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ قَوْلُهُ: (يُحِلُّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ: أَيْ يَجُوزُ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ ظَالِمًا وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ سُفْيَانَ مِثْلَ التَّفْسِيرِ الَّذِي رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ وَكِيعٍ وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ حَبْسِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَتَّى يَقْضِيَهُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقَضَاءِ تَأْدِيبًا لَهُ وَتَشْدِيدًا عَلَيْهِ لَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا لِقَوْلِهِ: " الْوَاجِدُ " فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعْسِرَ لَا يَحِلُّ عِرْضُهُ وَلَا عُقُوبَتُهُ، وَإِلَى جَوَازِ الْحَبْسِ لِلْوَاجِدِ ذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَقَالَ الْجُمْهُورُ: يَبِيعُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْوَاجِدِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا يُحْبَسُ، لَكِنْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُلَازِمُهُ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ
وَقَالَ شُرَيْحٌ: يُحْبَسُ وَالظَّاهِرُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ يُفَسَّقُ الْمَاطِلُ أَمْ لَا؟ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي تَقْدِيرِ مَا يُفَسَّقُ بِهِ، وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute