للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «أُصِيبَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ: تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغُرَمَائِهِ: خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ)

بَابُ مَنْ وَجَدَ سِلْعَةً بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ عِنْدَهُ وَقَدْ أَفْلَسَ

٢٣١١ - (عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

٢٣١٢ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ

ــ

[نيل الأوطار]

قَوْلُهُ: (فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثِّمَارَ إذَا أُصِيبَتْ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ وَضْعِ الْجَوَائِحِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَضَعَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ مَا أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ، وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ وَضْعَ الْجَوَائِحِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَقِيلَ: إنَّهُ خَاصٌّ بِمَا بِيعَ مِنْ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَقِيلَ: إنَّهُ يُؤَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا بِأَنَّ التَّصَدُّقَ عَلَى الْغَرِيمِ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْبَابِ وَكَذَلِكَ قَضَاؤُهُ دَيْنَ غُرَمَائِهِ مِنْ بَابِ التَّعَرُّضِ لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَلَيْسَ التَّصَدُّقُ عَلَى جِهَةِ الْعَزْمِ وَلَا الْقَضَاءُ لِلْغُرَمَاءِ عَلَى جِهَةِ الْحَتْمِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ وَضْعِ الْجَوَائِحِ: «لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ؟» فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْوَضْعِ لَا فِي اسْتِحْبَابِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: " وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ " فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ غَيْرُ لَازِمٍ، وَلَوْ كَانَ لَازِمًا لَمَا سَقَطَ الدَّيْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِعْسَارِ، بَلْ كَانَ اللَّازِمُ الْإِنْظَارَ إلَى مَيْسَرَةٍ

وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ وَضْعِ الْجَوَائِحِ عَدَمَ صَلَاحِيَّةِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى عَدَمِ وَضْعِ الْجَوَائِحِ لِوَجْهَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا هُنَالِكَ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُفْلِسَ إذَا كَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ دُونَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ تَسْلِيمَ الْمَالِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَهُمْ شَيْءٌ غَيْرَ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ، وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُطَالَبْ بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>