٣٨٩٥ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَقَالَ: إنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ نَحْوُهُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
إلَّا كَحَالِ مَنْ قَالَ فِيهِ مَنْ قَالَ:
كَبَهِيمَةٍ عَمْيَاءَ قَادَ زِمَامَهَا ... أَعْمَى عَلَى عِوَجِ الطَّرِيقِ الْحَائِرِ
قَوْلُهُ: (لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ. . . إلَخْ) فِي هَذَا النَّهْيِ بَعْدَ إمْحَاضِ النُّصْحِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي " إرْشَادٌ لِلْعِبَادِ إلَى تَرْكِ تَحَمُّلِ أَعْبَاءِ الْإِمَارَةِ مَعَ الضَّعْفِ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهَا مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ الَّتِي يَصْدُقُ عَلَى صَاحِبِهَا أَنَّهُ ضَعِيفٌ فِيهَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا كَلَامَ النَّوَوِيِّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ كَرَاهِيَةِ الْحِرْصِ عَلَى الْإِمَارَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ مَنْسُوبٌ إلَى الْحَبَشَةِ قَوْلُهُ: (كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ) هِيَ وَاحِدَةُ الزَّبِيبِ الْمَأْكُولِ الْمَعْرُوفِ الْكَائِنِ مِنْ الْعِنَبِ إذَا جَفَّ، وَإِنَّمَا شَبَّهَ رَأْسَ الْعَبْدِ بِالزَّبِيبَةِ لِتَجَمُّعِهَا وَلِكَوْنِ شَعْرِهِ أَسْوَدَ وَهُوَ تَمْثِيلٌ فِي الْحَقَارَةِ وَبَشَاعَةِ الصُّورَةِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا
وَقَدْ حَكَى الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عَنْ ابْنِ بَطَّالٍ عَنْ الْمُهَلِّبِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ الطَّاعَةُ لِلْعَبْدِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَعْمِلُ لَهُ إمَامًا قُرَشِيًّا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي قُرَيْشٍ. قَالَ: وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي الْعَبِيدِ. وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَاضِيًا. وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنْ لَا يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَاضِيًا
[بَابُ تَعْلِيقِ الْوِلَايَةِ بِالشَّرْطِ]
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي ذِكْرِ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، وَكَذَلِكَ حَدِيثَا أَبِي قَتَادَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ هُمَا فِي وَصْفِ الْغَزْوَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَقَدْ اشْتَمَلَ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ فَلَا نُطَوِّلُ بِذِكْرِهِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيقِ الْوِلَايَاتِ بِالشَّرْطِ الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا فِي وِلَايَةِ جَعْفَرٍ فَإِنَّهَا مَشْرُوطَةٌ بِقَتْلِ زَيْدٍ، وَكَذَلِكَ وِلَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَإِنَّهَا مَشْرُوطَةٌ بِقَتْلِ جَعْفَرٍ، وَلَا أَعْرِفُ الْآنَ دَلِيلًا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ تَعْلِيقِ الْوِلَايَةِ بِالشَّرْطِ، فَلَعَلَّ خِلَافَ مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ مُسْتَنِدٌ إلَى قَاعِدَةٍ فِقْهِيَّةٍ كَمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute