للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ هَيْئَاتِ السُّجُودِ وَكَيْفَ الْهَوِيُّ إلَيْهِ

٧٤٦ - (وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَحْمَدَ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ هَيْئَاتِ السُّجُودِ وَكَيْفَ الْهَوِيُّ إلَيْهِ]

الْحَدِيثُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُ أَحَدًا رَوَاهُ غَيْرَ شَرِيكٍ وَذَكَرَ أَنَّ هَمَّامًا رَوَاهُ عَنْ عَاصِمٍ مُرْسَلًا وَلَمْ يَذْكُرْ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ. قَالَ الْيَعْمُرِيُّ: مِنْ شَأْنِ التِّرْمِذِيِّ التَّصْحِيحُ بِمِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ، فَقَدْ صَحَّحَ حَدِيثَ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلٍ: " لَأَنْظُرَنَّ إلَى صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ " الْحَدِيثَ وَإِنَّمَا الَّذِي قَصُرَ بِهَذَا عَنْ التَّصْحِيحِ عِنْدَهُ الْغَرَابَةُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا وَهِيَ تَفَرُّدُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ شَرِيكٍ وَهُوَ لَا يَحُطُّهُ عَنْ دَرَجَةِ الصَّحِيحِ لِجَلَالَةِ يَزِيدَ وَحِفْظِهِ، وَأَمَّا تَفَرُّدُ شَرِيكٍ بِهِ عَنْ عَاصِمٍ وَبِهِ صَارَ حَسَنًا فَإِنَّ شَرِيكًا لَا يُصَحَّحُ حَدِيثُهُ مُنْفَرِدًا هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ. وَكَذَا عَلَّلَ الْحَدِيثَ النَّسَائِيّ بِتَفَرُّدِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ شَرِيكٍ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدَ عَنْ شَرِيكٍ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ غَيْرُ شَرِيكٍ وَشَرِيكٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِيمَا يَتَفَرَّدُ بِهِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ شَرِيكٍ الْقَاضِي، وَإِنَّمَا تَابَعَهُ هَمَّامٌ مُرْسَلًا هَكَذَا ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْحُفَّاظِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُد وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ عَبْدِ الْجَارِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُرْسَلٌ. وَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ كُلَيْبَ بْنَ شِهَابٍ وَالِدَ عَاصِمٍ لَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَطَّ بِالتَّكْبِيرِ فَسَبَقَتْ رُكْبَتَاهُ يَدَيْهِ» أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ الْعَلَاءُ بْنُ إسْمَاعِيلَ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ مُنْكَرٌ.

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ وَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ وَرَفْعِهِمَا عِنْدَ النُّهُوضِ قَبْلَ رَفْعِ الرُّكْبَتَيْنِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالنَّخَعِيِّ وَمُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.

قَالَ: وَبِهِ أَقُولُ. وَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَابْنُ حَزْمٍ إلَى اسْتِحْبَابِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَرَوَى الْحَازِمِي عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ يَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ قَبْلَ رُكَبِهِمْ قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُد: وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي وَهُوَ أَقْوَى لِأَنَّ لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>