للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَنْ بَاعَ ذَهَبًا وَغَيْرَهُ بِذَهَبٍ

٢٢٥٠ - (عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: «اشْتَرَيْتُ قِلَادَةً يَوْمَ خَيْبَرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَفَصَّلْتُهَا فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا يُبَاعُ حَتَّى يُفَصَّلَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَفِي لَفْظٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِقِلَادَةٍ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ سَبْعَةِ دَنَانِيرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْتُ الْحِجَارَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا، قَالَ فَرَدَّهُ حَتَّى مَيَّزَ بَيْنَهُمَا.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .

ــ

[نيل الأوطار]

مَجْهُولَةَ الْكَيْلِ. وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ جِنْسٌ بِجِنْسِهِ، وَأَحَدُهُمَا مَجْهُولُ الْمِقْدَارِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّسَاوِي مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الْجِنْسِ شَرْطٌ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِدُونِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَهْلَ بِكِلَا الْبَدَلَيْنِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ مَظِنَّةٌ لِلزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَمَا كَانَ مَظِنَّةً لِلْحَرَامِ وَجَبَ تَجَنُّبُهُ وَتَجَنُّبُ هَذِهِ الْمَظِنَّةِ إنَّمَا يَكُونُ بِكَيْلِ الْمَكِيلِ وَوَزْنِ الْمَوْزُونِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَدَلَيْنِ.

[بَابُ مَنْ بَاعَ ذَهَبًا وَغَيْرَهُ بِذَهَبٍ]

الْحَدِيثُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ لَهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا فِي بَعْضِهَا " قِلَادَةٌ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ " وَفِي بَعْضِهَا ذَهَبٌ وَجَوْهَرٌ، وَفِي بَعْضِهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ وَفِي بَعْضِهَا خَرَزٌ مُعَلَّقَةٌ بِذَهَبٍ وَفِي بَعْضِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، وَفِي بَعْضِهَا بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ، وَفِي أُخْرَى بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ. وَأَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِأَنَّهَا كَانَتْ بُيُوعًا شَهِدَهَا فَضَالَةُ. قَالَ الْحَافِظُ: وَالْجَوَابُ الْمُسَدَّدُ عِنْدِي أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ لَا يُوجِبُ ضَعْفًا بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ مَحْفُوظٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُفْصَلْ وَأَمَّا جِنْسُهَا وَقَدْرُ ثَمَنِهَا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ مَا يُوجِبُ الْحُكْمَ بِالِاضْطِرَابِ وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي التَّرْجِيحُ بَيْنَ رُوَاتِهَا وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ ثِقَاتٍ فَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ رِوَايَةِ أَحْفَظِهِمْ وَأَضْبَطِهِمْ فَيَكُونُ رِوَايَةُ الْبَاقِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ شَاذَّةً انْتَهَى.

وَبَعْضُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد. قَوْلُهُ: (فَفَصَّلْتُهَا) بِتَشْدِيدِ الصَّادِ الْحَدِيثُ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ مَعَ غَيْرِهِ بِذَهَبٍ حَتَّى يُفَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَيُمَيَّزَ عَنْهُ لِيُعْرَفَ مِقْدَارُ الذَّهَبِ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ الْفِضَّةُ مَعَ غَيْرِهَا بِفِضَّةٍ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَجْنَاسِ الرِّبَوِيَّةِ لِاتِّحَادِهَا فِي الْعِلَّةِ وَهِيَ تَحْرِيمُ بَيْعِ الْجِنْسِ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا.

وَمِمَّا يُرْشِدُ إلَى اسْتِوَاءِ الْأَجْنَاسِ الرِّبَوِيَّةِ فِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّهْيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>