للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّبْيِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا وَكَانَتْ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلَّاحَةً، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهِ وَقَدْ أَصَابَنِي مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَجِئْتُك أَسْتَعِينُكَ عَلَى كِتَابَتِي، قَالَ: فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَقْضِي كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكَ قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَتْ: وَخَرَجَ الْخَبَرُ إلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ جَوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، فَقَالَ النَّاسُ أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ، قَالَتْ: فَلَقَدْ أَعْتَقَ بِتَزْوِيجِهِ إيَّاهَا مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَاحْتَجَّ بِهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ وَقَالَ: لَا أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ: لَيْسَ عَلَى عَرَبِيٍّ مِلْكٌ، قَدْ سَبَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَرَبَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ حِينَ سَبَى بَنِي نَاجِيَةَ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ الْعَرَبِ]

حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ. قَوْلُهُ: (أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ) هُمْ الْقَبِيلَةُ الشَّهِيرَةُ يُنْسَبُونَ إلَى تَمِيمِ بْنِ مُرٍّ بِضَمِّ الْمِيمِ بِلَا هَاءٍ ابْن أد بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ابْن طَابِخَةَ بِمُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ وَمُعْجَمَةٍ ابْن إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ، قَوْلُهُ: (بَعْدَ ثَلَاثٍ) زَادَ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «وَمَا كَانَ قَوْمٌ مِنْ الْأَحْيَاءِ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْهُمْ فَأَحْبَبْتُهُمْ» انْتَهَى

، وَإِنَّمَا كَانَ يُبْغِضُهُمْ لِمَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قَوْمِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ الْعَدَاوَةِ.

قَوْلُهُ: (هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ) فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ " وَهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ قِتَالًا فِي الْمَلَاحِمِ " وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْعَامُّ فِي ذَلِكَ عَلَى الْخَاصِّ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْمَلَاحِمِ أَكْثَرَهَا وَهِيَ قِتَالُ الدَّجَّالِ لِيَدْخُلَ غَيْرُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، قَوْلُهُ: (هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِي) وَأَمَّا نَسَبُهُمْ إلَيْهِ لِاجْتِمَاعِ نَسَبِهِ لِنَسَبِهِمْ فِي إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ قَالَ: وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْهُمْ: أَيْ مِنْ تَمِيمٍ وَهِيَ بِوَزْنِ فَعِيلَةَ مَفْتُوحُ الْأَوَّلِ مِنْ السَّبْيِ أَوْ السَّبَاءِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ نَسَمَةٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمُهْمَلَةِ: أَيْ نَفْسٌ قَوْلُهُ: (مُحَرَّرٌ) بِمُهْمَلَاتٍ اسْمُ مَفْعُولٍ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ الَّذِي كَانَ عَلَى عَائِشَةَ نَذْرٌ، وَلَفْظُهُ " نَذَرَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتِقَ مُحَرَّرًا مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ " وَلَهُ فِي الْكَبِيرِ " أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: «يَا نَبِيَّ اللَّهِ إنِّي نَذَرْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>