للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٣ - (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ لِبَقِيَّةِ الْجَمَاعَةِ إلَّا حُكْمَ الْأَكْلِ مِنْهُ خَاصَّةً)

ــ

[نيل الأوطار]

تَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجَمَاهِيرِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَتْ بِحَرَامٍ. وَعَنْ مَالِكٍ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ وَبَسْطُ الْحُجَجِ فِي بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ أَوْرَدَهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِمَا عَلَى نَجَاسَةِ لَحْمِ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِكَسْرِ الْآنِيَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ الْغَسْلِ ثَانِيًا، ثُمَّ قَوْلِهِ: (فَإِنَّهَا رِجْسٌ أَوْ نَجِسٌ) ثَالِثًا يَدُلُّ عَلَى النَّجَاسَةِ، وَلَكِنَّهُ نَصٌّ فِي الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ وَقِيَاسٌ فِي غَيْرِهَا مِمَّا لَا يُؤْكَلُ بِجَامِعِ عَدَمِ الْأَكْلِ وَلَا يَجِبُ التَّسْبِيعَ إذْ أَطْلَقَ الْغَسْلَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمِثْلِ مَا قَيَّدَهُ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ إنَّهُ يَجِبُ التَّسْبِيعُ وَلَا أَدْرِي مَا دَلِيلُهُ فَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ عَلَى لُعَابِ الْكَلْبِ فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَمَا هُوَ. وَقَوْلُهُ: الْإِنْسِيَّةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا مَعَ سُكُونِ النُّونِ وَالْإِنْسِيُّ الْإِنْسُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. .

[أَبْوَابُ الْأَوَانِي]

[بَابُ مَا جَاءَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ. قَوْلُهُ: (فِي صِحَافِهَا) الصِّحَافُ جَمْعُ صَحْفَةٍ وَهِيَ دُونَ الْقَصْعَةِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَعْظَمُ الْقِصَاعِ الْجَفْنَةُ ثُمَّ الْقَصْعَةُ تَلِيهَا تُشْبِعُ الْعَشَرَةَ ثُمَّ الصَّحْفَةُ تُشْبِعُ الْخَمْسَةَ ثُمَّ الْمِئْكَلَةُ تُشْبِعُ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَمَّا الشُّرْبُ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْأَكْلُ فَأَجَازَهُ دَاوُد، وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ أَصْحَابُنَا: انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَسَائِرِ الِاسْتِعْمَالَاتِ فِي إنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إلَّا رِوَايَةً عَنْ دَاوُد فِي تَحْرِيمِ الشُّرْبِ فَقَطْ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ تَحْرِيمِ الْأَكْلِ، وَقَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْعِرَاقِيِّينَ فَقَالَ بِالْكَرَاهَةِ دُونَ التَّحْرِيمِ، وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ. وَتَأَوَّلَهُ أَيْضًا صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَلَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَثَبَتَتْ صِحَّةُ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ أَيْضًا ابْنُ الْمُنْذِرِ عَلَى تَحْرِيمِ الشُّرْبِ، فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إلَّا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ.

وَقَدْ أُجِيبُ مِنْ جِهَةِ الْقَائِلِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>