بَابُ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا
١٥٩٤ - (عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ ابْنَ السَّعْدِيِّ الْمَالِكِيَّ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهَا وَأَدَّيْتُهَا إلَيْهِ أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ، فَقُلْتُ: إنَّمَا عَمِلْتُ لِلَّهِ، فَقَالَ: خُذْ مَا أُعْطِيتَ، فَإِنِّي عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَمَّلَنِي، فَقُلْتُ مِثْلَ قَوْلِكَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أُعْطِيتَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ فَكُلْ وَتَصَدَّقَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
١٥٩٥ - ( «وَعَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ انْطَلَقَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ أَحَدُنَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْنَاكَ لَتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَنُصِيبُ مَا يُصِيبُ النَّاسُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَنُؤَدِّي إلَيْكَ مَا يُؤَدِّي النَّاسُ، فَقَالَ: إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ» مُخْتَصَرٌ لِأَحْمَدَ
ــ
[نيل الأوطار]
فِي قَبُولِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ، وَسَيُكَرِّرُ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ هَذَا فِي كِتَابِ الْهِبَةِ، وَنَذْكُرُ بَقِيَّةَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ هُنَالِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
[بَابُ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا]
قَوْلُهُ: (أَنَّ ابْنَ السَّعْدِيِّ) هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَقْدَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدٍّ بْنِ نَضْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ. وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ السَّعْدِيُّ لِأَنَّ أَبَاهُ اسْتَرْضَعَ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ، وَقَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِيمًا وَقَالَ: " وَفَدْت فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَالْمَالِكِيُّ نِسْبَةٌ إلَى مَالكِ بْنِ حَنْبَلٍ قَوْلُهُ: (بِعُمَالَةٍ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْعُمَالَةُ بِالضَّمِّ: رِزْقُ الْعَامِلِ عَلَى عَمَلِهِ قَوْلُهُ: (فَعَمَّلَنِي) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ: أَيْ أَعْطَانِي أُجْرَةَ عَمَلٍ وَجَعَلَ لِي عُمَالَةً قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُ مَا حَصَلَ مِنْ الْمَالِ عَنْ مَسْأَلَةٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَمَلَ السَّاعِي سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ كَمَا أَنَّ وَصْفَ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ هُوَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ الْعَمَلُ هُوَ السَّبَبَ اقْتَضَى قِيَاسُ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ أَنَّ الْمَأْخُوذَ فِي مُقَابِلَتِهِ أُجْرَةٌ، وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ تَبَعًا لَهُ: إنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَوَى التَّبَرُّعَ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْعَامِلِ يَطِيبُ لَهُ وَإِنْ نَوَى التَّبَرُّعَ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا اهـ..
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute