للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَأَنْ يَتَنَاجَشُوا» ) .

٢٢٠٦ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ النَّجْشِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا)

بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ

٢٢٠٧ - (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَلَقِّي الْبُيُوعِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ النَّهْيِ عَنْ النَّجْشِ]

قَوْلُهُ: (النَّجْشِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ فِي اللُّغَةِ تَنْفِيرُ الصَّيْدِ وَاسْتِثَارَتُهُ مِنْ مَكَان لِيُصَادَ، يُقَالُ: نَجَشْتُ الصَّيْدَ أَنْجُشُهُ بِالضَّمِّ نَجْشًا وَفِي الشَّرْعِ: الزِّيَادَةُ فِي السِّلْعَةِ، وَيَقَعُ ذَلِكَ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْإِثْمِ، وَيَقَعُ ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمِ الْبَائِعِ فَيَخْتَصُّ بِذَلِكَ النَّاجِشُ وَقَدْ يَخْتَصُّ بِهِ الْبَائِعُ كَمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ اشْتَرَى سِلْعَةً بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ لِيَغُرَّ غَيْرَهُ بِذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: النَّجْشُ: الْخَتْلُ وَالْخَدِيعَةُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلصَّائِدِ: نَاجِشٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْتِلُ الصَّيْدَ وَيَحْتَالُ لَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّجْشُ: أَنْ تُحْضَرَ السِّلْعَةُ تُبَاعُ فَيُعْطِي بِهَا الشَّيْءَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا لِيَقْتَدِيَ بِهِ السُّوَّامُ فَيُعْطُونَ بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ لَوْ لَمْ يَسْمَعُوا سَوْمَهُ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ النَّاجِشَ عَاصٍ بِفِعْلِهِ

وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَيْعِ إذَا وَقَعَ عَلَى ذَلِكَ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَسَادَ ذَلِكَ الْبَيْعِ إذَا وَقَعَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إذَا كَانَ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ أَوْ صَنْعَتِهِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ، وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْمُصَرَّاةِ. وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ صِحَّةُ الْبَيْعِ مَعَ الْإِثْمِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْهَادَوِيَّةِ، وَقَدْ اتَّفَقَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَفْسِيرِ النَّجْشِ فِي الشَّرْعِ بِمَا تَقَدَّمَ وَقَيَّدَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ حَزْمٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ التَّحْرِيمَ بِأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ فَوْقَ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ تَقْيِيدٌ لِلنَّصِّ بِغَيْرِ مُقْتَضٍ لِلتَّقْيِيدِ وَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ لَعْنِ النَّاجِشِ فَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى مَرْفُوعًا «النَّاجِشُ آكِلُ الرِّبَا خَائِنٌ مَلْعُونٌ» وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مَوْقُوفًا مُقْتَصِرِينَ عَلَى قَوْلِ «آكِلُ الرِّبَا خَائِنٌ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>