للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ جَوَازِ الْمُعَاوَنَةِ فِي الْوُضُوءِ

٢٢٠ - (عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ، وَأَنَّهُ ذَهَبَ لِحَاجَةٍ لَهُ، وَأَنَّ مُغِيرَةَ جَعَلَ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ» أَخْرَجَاهُ)

ــ

[نيل الأوطار]

الْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعَادَةِ لِلْوُضُوءِ كَامِلًا لَلْإِخْلَالِ بِهَا بِتَرْكِ اللُّمْعَةِ وَهُوَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي وَحَدِيثُ أَنَسٍ السَّابِقُ يَدُلَّانِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَهُمْ الْعِتْرَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ، وَالتَّمَسُّكُ بِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ عَلَى الْوَلَاءِ وَقَالَ: هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ» أَظْهَرُ مِنْ التَّمَسُّكِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ لَوْلَا أَنَّهُ غَيْرُ صَالِحٍ لِلِاحْتِجَاجِ كَمَا عَرَّفْنَاكَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ عُثْمَانَ لَا سِيَّمَا زِيَادَةُ قَوْلِهِ: (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ) .

وَقَدْ رُوِيَ بِلَفْظِ: (هَذَا الَّذِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ مَرَّةً وَلَكِنَّهُ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سَأَلْتُ: أَبَا زُرْعَةَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: حَدِيثٌ وَاهٍ مُنْكَرٌ ضَعِيفٌ وَقَالَ مَرَّةً: لَا أَصْلَ لَهُ وَامْتَنَعَ مِنْ قِرَاءَتِهِ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَمْ يَرْوِهِ مَالِكٌ قَطُّ وَرُوِيَ بِلَفْظِ (هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ غَيْرَهُ) أَخْرَجَهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.

وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ الْحَدِيثِ عَلَى تَسْلِيمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِلِاحْتِجَاجِ بِأَنَّ الْإِشَارَةَ هِيَ إلَى ذَاتِ الْفِعْلِ مُجَرَّدَةٌ عَنْ الْهَيْئَةِ وَالزَّمَانِ وَإِلَّا لَزِمَ وُجُوبُهُمَا وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ.

[بَابُ جَوَازِ الْمُعَاوَنَةِ فِي الْوُضُوءِ]

الْحَدِيثُ اتَّفَقَا عَلَيْهِ بِلَفْظِ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَقَالَ لِي: يَا مُغِيرَةُ خُذْ الْإِدَاوَةَ فَأَخَذْتُهَا ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ وَانْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْغَيْرِ فِي الْوُضُوءِ، وَقَدْ قَالَ بِكَرَاهَتِهَا الْعِتْرَةُ وَالْفُقَهَاءُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالصَّبُّ جَائِزٌ إجْمَاعًا إذْ صَبُّوا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَتَوَضَّأُ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ إنَّمَا اسْتَعَانَ بِهِ لِأَجْلِ ضِيقِ الْكُمَّيْنِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَالَ: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِعَانَةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ غَسَلَ وَجْهَهُ أَيْضًا وَهُوَ يَصُبُّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ كَانَتْ بِالسَّفَرِ فَأَرَادَ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ عَنْ الرُّفْقَةِ، قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>