للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠٤٦ - (وَعَنْ أَبِي نَضِرَةَ قَالَ: «حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إنَّ رَبّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» رَوَاهُ أَحْمَدُ)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ الْخُطْبَةِ أَوْسَطُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ]

حَدِيثُ سَرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَحَدِيثُ الرَّجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ سَكَتَ عَنْهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَالْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَحَدِيثُ أَبِي نَضِرَةَ قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ قَوْلُهُ: (سَرَّاءَ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالْمَدِّ وَقِيلَ: الْقَصْرُ بِنْتُ نَبْهَانَ الْغَنَوِيَّةُ صَحَابِيَّةٌ لَهَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ قَالَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ قَوْلُهُ: (يَوْمَ الرُّءُوسِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْهَمْزَةِ بَعْدَهَا وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ التَّشْرِيقِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ فِيهِ رُءُوسَ الْأَضَاحِيِّ

قَوْلُهُ: (أَيُّ يَوْمٍ هَذَا) سَأَلَ عَنْهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ لِتَكُونَ الْخُطْبَةُ أَوْقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ وَأَثْبَتَ قَوْلُهُ: (اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) هَذَا مِنْ حُسْنِ الْأَدَبِ فِي الْجَوَابِ لِلْأَكَابِرِ وَالِاعْتِرَافِ بِالْجَهْلِ، وَلَعَلَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ قَوْلُهُ: (عَمُّ أَبِي حُرَّةَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَاسْمُ أَبِي حُرَّةَ حَنِيفَةُ وَقِيلَ: حَكِيمٌ وَالرَّقَاشِيُّ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ وَبَعْدَ الْأَلْفِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ قَوْلُهُ: (أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) هُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

قَوْلُهُ: (أَلَا إنَّ رَبّكُمْ وَاحِدٌ) . . . إلَخْ.

هَذِهِ مُقَدِّمَةٌ لِنَفْيِ فَضْلِ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ بِالْحَسَبِ وَالنَّسَبِ كَمَا كَانَ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّبُّ وَاحِدًا وَأَبُو الْكُلِّ وَاحِدًا لَمْ يَبْقَ لِدَعْوَى الْفَضْلِ بِغَيْرِ التَّقْوَى مُوجِبٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حَصْرُ الْفَضْلِ فِي التَّقْوَى وَنَفْيُهُ عَنْ غَيْرِهَا وَأَنَّهُ لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إلَّا بِهَا

وَلَكِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ «النَّاسَ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا» ، فَفِيهِ إثْبَاتُ الْخِيَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا تَقْوَى هُنَاكَ وَجَعْلُهُمْ الْخِيَارَ فِي الْإِسْلَامِ بِشَرْطِ الْفِقْهِ فِي الدِّينِ وَلَيْسَ مُجَرَّدُ الْفِقْهِ فِي الدِّينِ سَبَبًا لِكَوْنِهِمْ خِيَارًا فِي الْإِسْلَامِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمْ خِيَارًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعْنَى وَلَكَانَ كُلُّ فَقِيهٍ فِي الدِّينِ مِنْ الْخِيَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْخِيَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَيْسَ أَيْضًا سَبَبُ كَوْنِهِمْ خِيَارٍ فِي الْإِسْلَامِ مُجَرَّدَ التَّقْوَى وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِذِكْرِ كَوْنِهِمْ خِيَارًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعْنًى وَلَكَانَ كُلُّ مُتَّقٍ مِنْ الْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى كَوْنِهِ مِنْ خِيَارِ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِشَراَفَةِ الْأَنْسَابِ وَكَرَمِ النِّجَارِ مَدْخَلًا فِي كَوْنِ أَهْلِهَا خِيَارًا وَخِيَارُ الْقَوْمِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>