بَابُ اتِّخَاذِ مُتَعَبَّدَات الْكُفَّارِ وَمَوَاضِع الْقُبُورِ إذَا نُبِشَتْ مَسَاجِدُ
٦٢٣ - (عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَسَاجِدَ الطَّائِفِ حَيْثُ كَانَ طَوَاغِيتُهُمْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ عُمَرُ: إنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَهُمْ مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي فِي الْبِيعَةِ إلَّا بِيْعَةً فِيهَا التَّمَاثِيلُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَا يَعْلَمُ، وَكَثِيرًا مَا يُرَجِّحُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَلَى مَا فِي غَيْرِهِمَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَهُوَ غَلَطٌ أَوْقَعَ فِي مِثْلِهِ الْجُمُودُ فَلْيَكُنْ مِنْك هَذَا عَلَى ذِكْرِ قَوْلِهِ: (يُسَبِّحُ) أَيْ يَتَنَفَّلُ وَالسُّبْحَةُ بِضَمِّ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ: النَّافِلَةُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَإِطْلَاقُ التَّسْبِيحِ عَلَى النَّافِلَةِ مَجَازٌ، وَالْعَلَاقَةُ الْجُزْئِيَّةُ وَالْكُلِّيَّةُ أَوْ اللُّزُومُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمُخْلَصَةَ يَلْزَمُهَا التَّنْزِيهُ.
[بَابُ اتِّخَاذِ مُتَعَبَّدَات الْكُفَّارِ وَمَوَاضِع الْقُبُورِ إذَا نُبِشَتْ مَسَاجِدُ]
الْحَدِيثُ رِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ الطَّائِفِيُّ الْمَذْكُورُ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَكَذَلِكَ أَبُو هَمَّامٍ ثِقَةٌ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّلَّالُ الْبَصْرِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الْمَذْكُورُ هُوَ الثَّقَفِيُّ أَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ حِينَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الطَّائِفِ. قَوْلُهُ: (طَوَاغِيتُهُمْ) جَمْعُ طَاغُوتٍ وَهُوَ بَيْتُ الصَّنَمِ الَّذِي كَانُوا يَتَعَبَّدُونَ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَيَتَقَرَّبُونَ إلَيْهِ بِالْأَصْنَامِ عَلَى زَعْمِهِمْ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَأَمْكِنَةِ الْأَصْنَامِ مَسَاجِدَ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ حِينَ فَتَحُوا الْبِلَادَ، جَعَلُوا مُتَعَبَّدَاتِهِمْ مُتَعَبَّدَاتٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَغَيَّرُوا مَحَارِيبَهَا. قَوْلُهُ: (وَقَالَ عُمَرُ) هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا وَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ صَنَعَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ النَّصَارَى طَعَامًا وَكَانَ مِنْ عُظَمَائِهِمْ وَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ تُجِيبَنِي وَتُكْرِمَنِي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ الصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا يَعْنِي التَّمَاثِيلَ
قَوْلُهُ: (مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ) هُوَ جَمْعُ تِمْثَالٍ بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ بَيْنَهُمَا مِيمٌ. قَالَ الْحَافِظُ: وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصُّورَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، فَالصُّورَةُ أَعَمُّ.
قَوْلُهُ: (الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ) الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْكَنِيسَةِ وَالصُّوَرِ بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ التَّمَاثِيلِ أَوْ بَيَانٌ لَهَا أَوْ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، أَوْ بِالرَّفْعِ أَيْ أَنَّ التَّمَاثِيلَ مُصَوَّرَةٌ وَالضَّمِيرُ عَلَى هَذَا لِلتَّمَاثِيلِ.
وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ) هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا، وَوَصَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute