للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ وَالسُّرُجِ فِي الْمَقْبَرَةِ

١٤٨٥ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

١٤٨٦ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَائِرَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ)

ــ

[نيل الأوطار]

اُسْتُشْهِدَ فِي التَّلْخِيصِ لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بِالْأَثَرِ الَّذِي رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَذَكَرَ لَهُ شَوَاهِدَ أُخَرَ خَارِجَةً عَنْ الْبَحْثِ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهَا قَوْلُهُ: (إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ) . . . إلَخْ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ دَفْنِهِ وَسُؤَالِ التَّثْبِيتِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُسْأَلُ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ حَيَاةِ الْقَبْرِ وَقَدْ وَرَدَتْ بِذَلِكَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ بَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ يُسْأَلُ فِي قَبْرِهِ، وَقَدْ وَرَدَتْ بِهِ أَيْضًا أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَوَرَدَ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ فِي الْقَبْرِ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا» وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: السُّؤَالُ عَامٌّ لِلْأُمَّةِ وَغَيْرِهَا وَلَيْسَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ قَوْلُهُ: (وَعَنْ رَاشِدٍ وَضَمْرَةَ) هُمَا تَابِعِيَّانِ قَدِيمَانِ. وَكَذَلِكَ حَكِيمُ بْنُ عُمَيْرٍ وَكُلُّ الثَّلَاثَةِ مِنْ حِمْصَ

قَوْلُهُ: (كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُسْتَحِبَّ لِذَلِكَ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ أَدْرَكُوهُمْ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ

[بَابُ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ وَالسُّرُجِ فِي الْمَقْبَرَةِ]

الْحَدِيثُ الثَّانِي حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو صَالِحٍ بَاذَامُ وَيُقَالُ: بَاذَانُ مَوْلَى أُمِّ هَانِئِ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ صَاحِبُ الْكَلْبِيِّ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ رَضِيَهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ يُحْسِنُ أَمْرَهُ قَوْلُهُ: «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ» زَادَ مُسْلِمٌ " وَالنَّصَارَى " مَعْنَى قَاتَلَ: قَتَلَ. وَقِيلَ: لَعَنَ فَإِنَّهُ قَدْ وَرَدَ بِلَفْظِ اللَّعْنِ. قَوْلُهُ: (اتَّخَذُوا) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْبَيَانِ لِمُوجَبِ الْمُقَاتَلَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا سَبَبُ مُقَاتَلَتِهِمْ؟ فَأُجِيبَ بِقَوْلِهِ: اتَّخَذُوا. قَوْلُهُ: (مَسَاجِدَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَهُ مَسَاجِدَ يُصَلُّونَ فِيهَا، وَقِيلَ: هُوَ أَعَمُّ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَفِيهَا وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>