عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالْمُشْتَرِيَ لَهَا، وَالْمُشْتَرَاةَ لَهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ) .
٢١٨٣ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لُعِنَتْ الْخَمْرَةُ عَلَى عَشَرَةِ وُجُوهٍ، لُعِنَتْ الْخَمْرَةُ بِعَيْنِهَا، وَشَارِبِهَا، وَسَاقِيهَا، وَبَائِعِهَا، وَمُبْتَاعِهَا، وَعَاصِرِهَا، وَمُعْتَصِرِهَا، وَحَامِلِهَا، وَالْمَحْمُولَةِ إلَيْهِ، وَآكِلِ ثَمَنِهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد بِنَحْوِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ " وَآكِلَ ثَمَنِهَا "، وَلَمْ يَقُلْ: عَشَرَةً) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا وَكُلِّ بَيْعٍ أَعَانَ عَلَى مَعْصِيَةٍ]
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ: وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي فِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَافِقِيُّ أَمِيرُ الْأَنْدَلُسِ، قَالَ يَحْيَى: لَا أَعْرِفُهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مَعْرُوفٌ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَعَنْ بُرَيْدَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ بِلَفْظِ: «مَنْ حَبَسَ الْعِنَبَ أَيَّامَ الْقِطَافِ حَتَّى يَبِيعَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا فَقَدْ تَقَحَّمَ النَّارَ عَلَى بَصِيرَةٍ» حَسَّنَهُ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِزِيَادَةِ «أَوْ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنْ يَتَّخِذَهُ خَمْرًا» وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِحَدِيثَيْ الْبَابِ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، وَتَحْرِيمِ كُلِّ بَيْعٍ أَعَانَ عَلَى مَعْصِيَةٍ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثَيْ الْبَابِ تَعَرُّضٌ لِتَحْرِيمِ بَيْعِ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِلَعْنِ بَائِعِهَا وَآكِلِ ثَمَنِهَا بَائِعُ الْخَمْرِ وَآكِلُ ثَمَنِ الْخَمْرِ، وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الضَّمَائِرِ الْمَذْكُورَةِ هِيَ لِلْخَمْرِ وَلَوْ مَجَازًا كَمَا فِي عَاصِرِهَا وَمُعْتَصِرِهَا، فَإِنَّهُ يَئُولُ الْمَعْصُورُ إلَى الْخَمْرِ، وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى مُرَادِ الْمُصَنِّفِ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِتَرْتِيبِ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ عَلَى مَنْ بَاعَ الْعِنَبَ إلَى مَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ " حَبَسَ " وَقَوْلُهُ " أَوْ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنْ يَتَّخِذَهُ خَمْرًا " يَدُلَّانِ عَلَى اعْتِبَارِ الْقَصْدِ وَالتَّعَمُّدِ لِلْبَيْعِ إلَى مَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، وَلَا خِلَافَ فِي التَّحْرِيمِ مَعَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَعَ عَدَمِهِ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى جَوَازِهِ مِنْهُمْ الْهَادَوِيَّةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَتَّخِذُهُ لِذَلِكَ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِجَعْلِ الْعِنَبِ خَمْرًا، وَيُؤَيِّدُ الْمَنْعَ مِنْ الْبَيْعِ مَعَ ظَنِّ اسْتِعْمَالِ الْمَبِيعِ فِي مَعْصِيَةِ مَا أَخْرَجَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute