للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ إذَا أَسْلَمَ وَرَثَتُهُ هَلْ يَجِبُ تَنْفِيذُهَا

٢٥٣٢ - (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ الْعَاصِ بْنَ وَائِلٍ أَوْصَى أَنْ يَعْتِقَ عَنْهُ مِائَةُ رَقَبَةٍ، فَأَعْتَقَ ابْنُهُ هِشَامٌ خَمْسِينَ رَقَبَةً، فَأَرَادَ ابْنُهُ عَمْرٌو أَنْ يَعْتِقَ عَنْهُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أَبِي أَوْصَى بِعِتْقِ مِائَةِ رَقَبَةٍ، وَإِنَّ هِشَامًا أَعْتَقَ عَنْهُ خَمْسِينَ رَقَبَةً وَبَقِيَتْ خَمْسُونَ رَقَبَةً، أَفَأَعْتِقُ عَنْهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَأَعْتَقْتُمْ عَنْهُ أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ بَلَغَهُ ذَلِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)

بَابُ الْإِيصَاءِ بِمَا يَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مِنْ خِلَافَةٍ وَعَتَاقَةٍ وَمُحَاكَمَةٍ فِي نَسَبٍ وَغَيْرِهِ

ــ

[نيل الأوطار]

وَالْهَادَوِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَقَالَ بِالْأَوَّلِ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَالنَّخَعِيِّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَتَمَسَّكُوا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ عَقْدٌ، وَالْعُقُودُ تُعْتَبَرُ بِأَوَّلِهَا، وَبِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ حَالَ النَّذْرِ اتِّفَاقًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ عَقْدًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلِذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْفَوْرِيَّةُ وَلَا الْقَبُولُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْوَصِيَّةِ بِأَنَّهَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهَا وَالنَّذْرُ يَلْزَمُ، وَثَمَرَةُ هَذَا الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ حَدَثَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ

وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا هَلْ يُحْسَبُ الثُّلُثُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ يَتَقَيَّدُ بِمَا عَلِمَهُ الْمُوصِي دُونَ مَا خَفِيَ عَلَيْهِ أَوْ تَجَدَّدَ لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَبِالثَّانِي قَالَ مَالِكٌ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ مِقْدَارَ الْمَالِ حَالَ الْوَصِيَّةِ اتِّفَاقًا، وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِجِنْسِهِ فَلَوْ كَانَ الْعِلْمُ بِهِ شَرْطًا لَمَا جَازَ ذَلِكَ

[بَابُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ إذَا أَسْلَمَ وَرَثَتُهُ هَلْ يَجِبُ تَنْفِيذُهَا]

الْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد، وَأَشَارَ الْمُنْذِرِيُّ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ حَدِيثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مِنْ قِسْمِ الْحَسَنِ وَقَدْ صَحَّحَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَوْصَى بِقُرْبَةٍ مِنْ الْقُرَبِ لَمْ يَلْحَقْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْكُفْرَ مَانِعٌ، وَهَكَذَا لَا يَلْحَقُهُ مَا فَعَلَهُ قَرَابَتُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْقُرَبِ كَالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ وَالْعِتْقِ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ وَلَدًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ وَصِيَّةِ الْكَافِرِ، إذْ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ عَدَمِ قَبُولِ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الْقُرَبِ وَعَدَمِ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا نَعَمْ، فِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى قَرِيبِ الْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ بِالْقُرَبِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَصِحُّ يَعْنِي الْوَصِيَّةَ مِنْ كَافِرٍ فِي مَعْصِيَةٍ كَالسِّلَاحِ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَبِنَاءِ الْبَيْعِ فِي خُطَطِ الْمُسْلِمِينَ وَتَصِحُّ بِالْمُبَاحِ إذْ لَا مَانِعَ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>