عَلَيْهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَمَعَهُمْ، فَقَالَ: مَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ قَالُوا: هُوَ الَّذِي بَلَغَكَ، وَكَانُوا لَا يَكْذِبُونَ، فَقَالَ: أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا إلَى بُيُوتِهِمْ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ إلَى بُيُوتِكُمْ؟ فَقَالُوا: بَلَى، فَقَالَ: لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَشِعْبَ الْأَنْصَارِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «قَالَ نَاسٌ مِنْ الْأَنْصَارِ حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مَا أَفَاءَ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ، فَطَفِقَ يُعْطِي رِجَالًا الْمِائَةَ مِنْ الْإِبِلِ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، فَحُدِّثَ بِمَقَالَتِهِمْ فَجَمَعَهُمْ وَقَالَ: إنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ إلَى رِحَالِكُمْ؟ فَوَاَللَّهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَضِينَا» ) .
٣٣٩٤ - (وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «لَمَّا آثَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ، فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ وَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ، قَالَ رَجُلٌ: وَاَللَّهِ إنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدَ فِيهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَقُلْتُ: وَاَللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْته، فَمَنْ يَعْدِلُ إذَا لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ ثُمَّ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى فَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ) .
٣٣٩٥ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِمَالٍ أَوْ بِسَبْيٍ فَقَسَمَهُ، فَأَعْطَى قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ، فَكَأَنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ إنِّي أُعْطِي قَوْمًا أَخَافُ ضَلَعَهُمْ وَجَزَعَهُمْ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْخَيْرِ وَالْغِنَى مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُمْرَ النَّعَمِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ إعْطَاءَهُمْ كَانَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ مِنْ الْخُمُسِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَفَلًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ التَّنْفِيلَ مِنْهَا) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ مَا جَاءَ فِي إعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ]
قَوْلُهُ: (وَادِيًا أَوْ شِعْبًا) الْوَادِي: هُوَ الْمَكَانُ الْمُنْخَفِضُ، وَقِيلَ الَّذِي فِيهِ مَاءٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا بَلَدُهُمْ، وَالشِّعْبُ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ: اسْمٌ لِمَا انْفَرَجَ بَيْنَ جَبَلَيْنِ. وَقِيلَ الطَّرِيقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute