٣٣٩٣ - (عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ قَسَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ الْغَنَائِمَ فِي قُرَيْشٍ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: إنَّ هَذَا لَهُوَ الْعَجَبُ، إنَّ سُيُوفَنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، وَإِنَّ غَنَائِمَنَا تُرَدُّ
ــ
[نيل الأوطار]
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} [الأنفال: ١] وَمِنْهَا أَنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْ الْخُمُسِ عَلَى فَرْضِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ فَرْضِ الْخُمُسِ. وَمِنْهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ كَانَ فِي حَاجَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَنْفَعَةِ الْجَيْشِ أَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَيُسْهَمُ لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَهَذَا مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَمْ يَقْسِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَيْرِ مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ إلَّا فِي خَيْبَرَ، فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تُجْعَلُ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَسَمَ لِأَصْحَابِ السَّفِينَةِ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِمْ، وَكَذَلِكَ أَعْطَى الْأَنْصَارَ عِوَضَ مَا كَانُوا أَعْطَوْا الْمُهَاجِرِينَ عِنْدَ قُدُومِهِمْ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَطَابَ أَنْفُسَ أَهْلِ الْغَنِيمَةِ بِمَا أَعْطَى الْأَشْعَرِيِّينَ وَغَيْرَهُمْ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَا نَصِيبَ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ " الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ " وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا. وَقَالَ الصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا. وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ قَوْلُهُ: (وَإِنَّ حُزُمَ) بِمُهْمَلَةٍ وَزَايٍ مَضْمُومَتَيْنِ. وَقَوْلُهُ (لِيفٌ) بِكَسْرِ اللَّام وَسُكُون التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا فَاءٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ.
قَوْلُهُ: (يَا وَبْرُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ دَابَّةٌ صَغِيرَةٌ كَالسِّنَّوْرِ وَحْشِيَّةٌ. وَنَقَلَ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يُسَمِّي كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ حَشَرَاتِ الْجِبَالِ وَبْرًا. قَالَ الْخَطَّابِيِّ: أَرَادَ أَبَانُ تَحْقِيرَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَدْرِ مَنْ يُشِيرُ بِعَطَاءٍ وَلَا بِمَنْعٍ، وَأَنَّهُ قَلِيلُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِتَالِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " وَأَنْتَ بِهَا " أَيْ وَأَنْتَ بِهَذَا الْمَكَانِ وَالْمَنْزِلَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ كَوْنِكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَلَا مِنْ قَوْمِهِ وَلَا مِنْ بِلَادِهِ. وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ " وَأَنْتَ بِهَذَا ". قَوْلُهُ: (تَحَدَّرَ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْضًا.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " تَدَلَّى " وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا " تَدَأْدَأَ " بِمُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ، قِيلَ أَصْلُهُ تَدَهْدَهَ، فَأُبْدِلَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً، وَقِيلَ الدَّأْدَأَةُ: صَوْتُ الْحِجَارَةِ فِي الْمَسِيلِ قَوْلُهُ: (مِنْ رَأْسِ ضَالٍّ) فَسَّرَ الْبُخَارِيُّ الضَّالَّ بِالسِّدْرِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَكَذَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: إنَّهُ السِّدْرُ الْبَرِّيُّ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ رَأْسِ ضَأْنٍ بِالنُّونِ، قِيلَ هُوَ رَأْسُ الْجَبَلِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ مَوْضِعُ مَرْعَى الْغَنَمِ، وَقِيلَ هُوَ جَبَلُ دَوْسٍ وَهُمْ قَوْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute