عَلَيْهِ وَخَدَّهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ هَلَّلَ وَكَبَّرَ وَدَعَا، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْأَرْكَانِ كُلِّهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَأَقْبَلَ عَلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ، هَذِهِ الْقِبْلَةُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ)
٢٠٥٤ - (وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: «لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ انْطَلَقْتُ فَوَافَقْتُهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْكَعْبَةِ وَأَصْحَابُهُ قَدْ اسْتَلَمُوا الْبَيْتَ مِنْ الْبَابِ إلَى الْحَطِيمِ، وَقَدْ وَضَعُوا خُدُودَهُمْ عَلَى الْبَيْتِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسْطَهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد)
٢٠٥٥ - (وَعَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: «قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْتَ فِي عُمْرَتِهِ؟ قَالَ: لَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِهَا]
حَدِيثُ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ. وَحَدِيثُ أُسَامَةَ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ فِي الْبَيْتِ وَلَكِنَّهُ كَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ» وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ فِي إسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيّ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي زِيَادٍ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ الذَّهَبِيُّ أَنَّهُ صَدُوقٌ مِنْ ذَوِي الْحِفْظِ وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. قَوْلُهُ: (وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْكَعْبَةَ فِي غَيْرِ عَامِ الْفَتْحِ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ فِيهِ إنَّمَا كَانَتْ مَعَهُ فِي غَيْرِهِ. وَقَدْ جَزَمَ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ إلَّا فِي عَامِ الْفَتْحِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ.
وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ فِي عُمْرَتِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ دَخَلَهُ فِي حَجَّتِهِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَدْ أَجَابَ الْبَعْضُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ غَزْوَةِ الْفَتْحِ. وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا.
وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دُخُولَ الْكَعْبَةِ لَيْسَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ دُخُولَهَا مِنْ الْمَنَاسِكِ.
وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ دُخُولَهَا مُسْتَحَبٌّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «مَنْ دَخَلَ الْبَيْتَ دَخَلَ فِي جَنَّةٍ وَخَرَجَ مَغْفُورًا لَهُ» وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ مَا لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا بِدُخُولِهِ وَيَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ أَيْضًا حَدِيثُ أُسَامَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ الْمَذْكُورَانِ فِي الْبَابِ.
قَوْلُهُ: (وَخَدَّهُ وَيَدَيْهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute