للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْوَابُ حَمْلِ الْجِنَازَةِ وَالسَّيْرِ بِهَا

١٤٤٣ - (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «مَنْ اتَّبَعَ جِنَازَةً فَلْيَحْمِلْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ كُلِّهَا فَإِنَّهُ

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ]

وَأَخْرَجَ الصَّلَاةَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَيْضًا فِي الْمَسْجِدِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ: " إنَّ عُمَرَ صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّ صُهَيْبًا صَلَّى عَلَى عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ " قَوْلُهُ: (عَلَى ابْنَيْ، بَيْضَاءَ) قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: بَنُو بَيْضَاءَ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ سَهْلٌ وَسُهَيْلٌ وَصَفْوَانُ، وَأُمُّهُمْ الْبَيْضَاءُ اسْمُهَا دَعْدُ، وَالْبَيْضَاءُ وَصْفٌ، وَأَبُوهُمْ وَهْبُ بْنُ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إدْخَالِ الْمَيِّتِ إلَى الْمَسْجِدِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْجُمْهُورُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ، وَكَرِهَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَالْهَادَوِيَّةُ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ. وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ وَهُمَا كَانَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلُّونَ دَاخِلَهُ، وَذَلِكَ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ وَرُدَّ بِأَنَّ عَائِشَةَ اسْتَدَلَّتْ بِذَلِكَ مَا أَنْكَرُوا عَلَيْهَا أَمْرَهَا بِإِدْخَالِ الْجِنَازَةِ الْمَسْجِدَ وَأَجَابُوا أَيْضًا بِأَنَّ الْأَمْرَ اسْتَقَرَّ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ أَنْكَرُوا عَلَى عَائِشَةَ كَانُوا مِنْ الصَّحَابَةِ. وَرُدَّ بِأَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا أَنْكَرَتْ ذَلِكَ الْإِنْكَارَ سَلَّمُوا لَهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا حَفِظَتْ مَا نَسُوهُ وَأَنَّ الْأَمْرَ اسْتَقَرَّ عَلَى الْجَوَازِ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الصَّلَاةِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ لِمَا تَقَدَّمَ

وَأَيْضًا الْعِلَّةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا كَرِهُوا الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ هِيَ زَعْمُهُمْ أَنَّهُ نَجَسٌ وَهِيَ بَاطِلَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا. وَأَنْهَضُ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ» وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلَفْظُهُ: " فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ " وَفِي إسْنَادِهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَجَابُوا عَنْهُ، يَعْنِي الْجُمْهُورَ بِأَجْوِبَةٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ تَفَرَّدَ بِهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالثَّانِي: أَنَّ الَّذِي فِي النُّسَخِ الْمَشْهُورَةِ الْمُحَقَّقَةِ الْمَسْمُوعَةِ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ» فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ حِينَئِذٍ

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ وَثَبَتَ أَنَّهُ " فَلَا شَيْءَ لَهُ " لَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ " لَهُ " بِمَعْنَى " عَلَيْهِ " لِيُجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ: وَقَدْ جَاءَ بِمَعْنَى عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧] الرَّابِعُ: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَقْصِ الْأَجْرِ فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَرَجَعَ وَلَمْ يُشَيِّعْهَا إلَى الْمَقْبَرَةِ لِمَا فَاتَهُ مِنْ تَشْيِيعِهِ إلَى الْمَقْبَرَةِ وَحُضُورِ دَفْنِهِ انْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>