بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ
١٤٤٠ - (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ «لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: اُدْخُلُوا بِهِ الْمَسْجِدَ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ: سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سُهَيْلِ بْنِ الْبَيْضَاءِ إلَّا فِي جَوْفِ الْمَسْجِدِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ) .
١٤٤١ - (وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي الْمَسْجِدِ) .
١٤٤٢ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ رَوَاهُمَا سَعِيدٌ، وَرَوَى الثَّانِيَ مَالِكٌ) .
ــ
[نيل الأوطار]
وَقَعَ مُبَيَّنًا فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ. وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا وَقَعَ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ ابْنَ عُمَرَ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَمَّ بِهِمْ بِإِذْنِهِ قَالَ الْحَافِظُ: وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: إنَّ الْإِمَامَ يَوْمَئِذٍ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، يَعْنِي الْأَمِيرَ لَا أَنَّهُ كَانَ إمَامًا فِي الصَّلَاةِ، وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: " فَصَلَّى عَلَيْهِمَا أَمِيرُ الْمَدِينَةِ " قَالَ الْحَافِظُ: أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ نِسْبَةَ ذَلِكَ إلَى ابْنِ عُمَرَ لِكَوْنِهِ أَشَارَ بِتَرْتِيبِ وَضْعِ تِلْكَ الْجَنَائِزِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ إذَا اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَلَاةً وَحَمْزَةَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ وَأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى كُلِّ عَشْرَةٍ صَلَاةً " وَأَخْرَجَ ابْنُ شَاهِينَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ أُتِيَ بِجِنَازَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَصَلَّى عَلَى الرَّجُلِ ثُمَّ صَلَّى عَلَى الْمَرْأَةِ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا صُلِّيَ عَلَيْهِ مَعَ امْرَأَةٍ كَانَ الصَّبِيُّ مَا يَلِي الْإِمَامَ وَالْمَرْأَةُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالْمُؤَيِّدُ بِاَللَّهِ وَأَبُو طَالِبٍ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: بَلْ الْأَوْلَى الْعَكْسُ، لِيَلِيَ الْقِبْلَةَ الْأَفْضَلُ.
وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى بِالتَّقَدُّمِ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ ذُو الْوِلَايَةِ وَنَائِبُهُ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ» وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ. وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ إذَا اجْتَمَعَ الْإِمَامُ وَالْوَلِيُّ أَيُّهُمَا أَوْلَى، فَعِنْدَ أَكْثَرِ الْعِتْرَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْإِمَامَ وَوَالِيهِ أَوْلَى، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَالنَّاصِرِ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute