للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْوَابُ السِّوَاكِ وَسُنَنِ الْفِطْرَةِ بَابُ الْحَثِّ عَلَى السِّوَاكِ وَذِكْرِ مَا يَتَأَكَّدُ عِنْدَهُ

١١٨ - (عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَهُوَ لِلْبُخَارِيِّ تَعْلِيقٌ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[أَبْوَابُ السِّوَاكِ وَسُنَنِ الْفِطْرَةِ] [بَابُ الْحَثِّ عَلَى السِّوَاكِ وَذِكْرِ مَا يَتَأَكَّدُ عِنْدَهُ]

وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ مَوْصُولًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ سَمِعْت أَبِي سَمِعْت عَائِشَةَ بِهَذَا، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَبُو عَتِيقٍ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ. وَقَالَ الْحَافِظُ: إنَّمَا هُوَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْهَا قَالَ: وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْهَا، وَقَدْ طَوَّلَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي التَّلْخِيصِ.

قَوْلُهُ: (أَبْوَابُ السِّوَاكِ وَسُنَنِ الْفِطْرَةِ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: السِّوَاكُ بِكَسْرِ السِّينِ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ، وَعَلَى الْعُودِ الَّذِي يُتَسَوَّكُ بِهِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وَتُؤَنِّثهُ الْعَرَبُ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هَذَا مِنْ أَغَالِيطِ اللَّيْثِ الْقَبِيحَةِ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَنَّهُ يُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ، وَالسِّوَاكُ فِعْلُكَ بِالْمِسْوَاكِ، وَيُقَالُ: سَاكَ فَمَهُ يُسَوِّكُهُ سَوْكًا فَإِنْ قُلْت: اسْتَاكَ لَمْ تَذْكُرْ الْفَمَ. وَجَمْعُ السِّوَاكِ: سُوُكٌ بِضَمَّتَيْنِ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَنَّهُ يَجُوزُ سَؤْكٌ بِالْهَمْزَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ ثُمَّ قِيلَ: إنَّ السِّوَاكَ مَأْخُوذٌ مِنْ سَاكَ إذَا أَدْلَكَ. وَقِيلَ: مِنْ جَاءَتْ الْإِبِلُ تَسْتَاكُ أَيْ تَتَمَايَلُ هُزَالًا. وَهُوَ فِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ: اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ لَيُذْهِبَ الصُّفْرَةَ وَغَيْرَهَا عَنْهَا. وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهَا هَهُنَا، قَالَ الْخَطَّابِيِّ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهَا السُّنَّةُ، وَكَذَا ذَكَرَ جَمَاعَةٌ غَيْرُ الْخَطَّابِيِّ.

وَقِيلَ: هِيَ الدِّينُ، حَكَاهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: أَصْلُ الْفِطْرَةِ الشِّقُّ طُولًا وَيُطْلَقُ عَلَى الْوَهْيِ وَعَلَى الِاخْتِرَاعِ. وَقَالَ أَبُو شَامَةَ أَصْلُ الْفِطْرَةِ الْخِلْقَةُ الْمُبْتَدَأَةُ وَمِنْهُ - {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [فاطر: ١]- أَيْ مُبْتَدِئُ خَلْقَهُنَّ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» أَيْ عَلَى مَا ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَهُ عَلَيْهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى قَوْله تَعَالَى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَوْ تُرِكَ فِي وَقْتِ وِلَادَتِهِ وَمَا يُؤَدِّيهِ إلَيْهِ نَظَرُهُ لَأَدَّاهُ إلَى الدِّينِ الْحَقِّ وَهُوَ التَّوْحِيدُ. وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ} [الروم: ٣٠] وَإِلَيْهِ يُشِيرُ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ حَيْثُ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: (فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ) .

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ السِّوَاكِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِتَطْهِيرِ الْفَمِ وَمُوجِبٌ لِرِضَا اللَّهِ عَلَى فَاعِلِهِ، وَقَدْ أُطْلِقَ فِيهِ السِّوَاكُ وَلَمْ يَخُصَّهُ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَلَا بِحَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَأَشْعَرَ بِمُطْلَقِ شَرْعِيَّتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>