٢٩٥ - ( «عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ)
ــ
[نيل الأوطار]
وَقَالَ صَالِحُ جَزَرَةَ: مُخْتَلِطُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: غَلَبَ عَلَيْهِ التَّعَبُّدُ حَتَّى غَفَلَ عَنْ حِفْظِ الْأَخْبَارِ وَجَوْدَةِ الْحِفْظِ فَوَقَعَتْ الْمَنَاكِيرُ فِي حَدِيثِهِ فَلَمَّا فَحُشَ خَطَؤُهُ اسْتَحَقَّ التَّرْكَ. وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ الْمَذْكُورُ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمُخَرِّجِينَ لَهُ وَلَمْ نَجِدْهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَهَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِهِ فَالْحَدِيثُ مَعْلُولٌ بِعِلَّتَيْنِ الْأُولَى: الْعُمَرِيُّ الْمَذْكُورُ، وَالثَّانِيَةُ: التَّفَرُّدُ وَعَدَمُ الْمُتَابَعَاتِ فَقَصُرَ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ وَالصِّحَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ مُجَرَّدِ وُجُودِ الْمَنِيِّ سَوَاءٌ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ ظَنُّ الشَّهْوَةِ أَمْ لَا، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ. .
[بَابُ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ]
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْغُسْلِ لِمَنْ أَسْلَمَ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى الْوُجُوبِ مُطْلَقًا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا أَجْزَأَهُ الْوُضُوءُ، وَأَوْجَبَهُ الْهَادِي وَغَيْرُهُ عَلَى مَنْ كَانَ قَدْ أَجْنَبَ حَالَ الْكُفْرِ سَوَاءٌ كَانَ قَدْ اغْتَسَلَ أَمْ لَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الْغُسْلِ، وَقَالَ بِاسْتِحْبَابِهِ لِمَنْ لَمْ يُجْنِبْ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى مَنْ أَجْنَبَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ حَالَ كُفْرِهِ فَإِنْ اغْتَسَلَ لَمْ يَجِبْ.
وَقَالَ الْمَنْصُورُ بِاَللَّهِ: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ مِنْ جَنَابَةٍ أَصَابَتْهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ، وَرُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ نَحْوُهُ. احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا بِحَدِيثِ الْبَابِ. وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ الْآتِي وَحَدِيثِ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوَاثِلَةَ وَقَتَادَةَ الزَّهَاوِيِّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَعَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ. قَالَ الْحَافِظُ وَفِي أَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ ضَعْفٌ. وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالِاسْتِحْبَابِ إلَّا لِمَنْ أَجْنَبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّ مَنْ أَسْلَمَ بِالْغُسْلِ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا خَصَّ بِالْأَمْرِ بِهِ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ قَرِينَةً تَصْرِفُ الْأَمْرَ إلَى النَّدْبِ، وَأَمَّا وُجُوبُهُ عَلَى الْمُجْنِبِ فَلِلْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِوُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ، وَاحْتَجَّ الْقَائِلُ بِالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُجْنِبِ بِحَدِيثِ «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْبَعْضِ قَدْ وَقَعَ بِهِ التَّبْلِيغُ وَدَعْوَى عَدَمِ الْأَمْرِ لِمَنْ عَدَاهُمْ لَا يَصْلُحُ مُتَمَسَّكًا؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهَا عَدَمُ الْعِلْمِ بِذَلِكَ وَهُوَ لَيْسَ عِلْمًا بِالْعَدَمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute