للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا يَقُولُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ

٦٣٤ - (وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَأَبِي أَسِيد قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا أَبْوَابَ رَحْمَتِك، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَكَذَا مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ: عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ أَوْ أَبِي أَسِيد بِالشَّكِّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

بِهِ مَنْ أَكَلَ فُجْلًا وَكَانَ يَتَجَشَّأُ. قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُرَابِطِ: وَيَلْحَقُ بِهِ مَنْ بِهِ بَخْرٌ فِي فِيهِ أَوْ بِهِ جُرْحٌ لَهُ رَائِحَةٌ. قَالَ الْقَاضِي: وَقَاسَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا مَجَامِعَ الصَّلَاةِ غَيْرَ الْمَسْجِدِ كَمُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجَنَائِزِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ مَجَامِعَ الْعِبَادَاتِ وَكَذَا مَجَامِعَ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَالْوَلَائِمِ وَنَحْوِهَا وَلَا يَلْحَقُ بِهَا الْأَسْوَاقُ وَنَحْوُهَا انْتَهَى.

وَفِيهِ أَنَّ الْعِلَّةَ إنْ كَانَتْ هِيَ التَّأَذِّي فَلَا وَجْهَ لِإِخْرَاجِ الْأَسْوَاقِ وَإِنْ كَانَتْ مُرَكَّبَةً مِنْ التَّأَذِّي وَكَوْنِهِ حَاصِلًا لِلْمُشْتَغِلِينَ بِطَاعَةٍ صَحَّ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْعِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْحَدِيثِ هِيَ تَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ فَيَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى إلْحَاقِ الْمَوَاطِنِ الَّتِي تَحْضُرُهَا الْمَلَائِكَةُ

وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: «لَا يُؤْذِيَنَّا بِرِيحِ الثُّومِ» وَهِيَ تَقْتَضِي التَّعْلِيلَ بِتَأَذِّي بَنِي آدَمَ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ انْتَهَى. وَعَلَى هَذَا الْأَسْوَاقُ كَغَيْرِهَا مِنْ مَجَامِعَ الْعِبَادَاتِ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَتَقْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ كُلُّ هَذِهِ الْأُمُورِ جَائِزَةٌ بِمَا ذَكَرْنَا وَمِنْ لَوَازِمِهِ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّ آكِلِهَا وَلَازِمُ الْجَائِزِ جَائِزٌ، فَتَرْكُ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّ آكِلِهَا جَائِزٌ، وَذَلِكَ يُنَافِي الْوُجُوبَ. وَأَهْلُ الظَّاهِرِ الْقَائِلُونَ بِتَحْرِيمِ أَكْلِ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ يَقُولُونَ: إنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَلَا تَتِمُّ إلَّا بِتَرْكِ أَكْلِ الثُّومِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. فَتَرْكُ أَكْلِ ذَلِكَ وَاجِبٌ

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى) قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ بِتَشْدِيدِ الذَّالِ. وَوَقَعَ فِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ بِالتَّخْفِيفِ وَهِيَ لُغَةٌ، يُقَالُ أَذَى يَأْذَى فِي مِثْلِ عَمَى يَعْمَى. قَالَ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ مَنْ أَكَلَ الثُّومَ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ خَالِيًا لِأَنَّهُ مَحِلُّ الْمَلَائِكَةِ. وَلِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ

[بَابُ مَا يَقُولُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ]

وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ حُمَيْدٍ وَحْدَهُ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ وَأَبُو أَسِيد بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مُصَغَّرًا هُوَ مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ السَّاعِدِيُّ الْأَنْصَارِيُّ. قَوْلُهُ: (فَلْيَقُلْ) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد " فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لِيَقُلْ ". وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ أَنَسٍ «كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>