عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَايَعَهُ فَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا ذَلِكَ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ إلَّا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، إلَّا أَنْ يَقْدَمَ زَوْجُهَا مُهَاجِرًا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إذَا قَدِمَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا رَوَاهُ عَنْهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ)
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ]
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: هُوَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْإِرْشَادِ: هُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ انْتَهَى. إلَّا أَنَّ حَدِيثَ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَسَخَهُ، وَقَدْ ضَعَّفَ أَمْرَهَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ، وَابْنُ إِسْحَاقَ فِيهِ مَقَالٌ مَعْرُوفٌ.
وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ، وَفِي إسْنَادِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالتَّدْلِيسِ، وَأَيْضًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَنْ الْعَرْزَمِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهِمْ.
وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ الْأَوَّلُ هُوَ مُرْسَلٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ، وَحَدِيثُهُ الثَّانِي مُرْسَلٌ أَيْضًا وَأَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَيْضًا
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَالَ: «كَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ الْمُؤْمِنِينَ، كَانُوا مُشْرِكِي أَهْلِ حَرْبٍ يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ، وَمُشْرِكِي أَهْلِ عَهْدٍ لَا يُقَاتِلُهُمْ وَلَا يُقَاتِلُونَهُ وَكَانَ إذَا هَاجَرَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تُنْكَحَ رُدَّتْ إلَيْهِ»
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَهْلِ الْمَغَازِي وَغَيْرِهِمْ عَنْ عَدَدٍ مِثْلِهِمْ: «أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَامْرَأَتُهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةُ كَافِرَةٌ بِمَكَّةَ، وَمَكَّةُ يَوْمَئِذٍ دَارُ حَرْبٍ وَكَذَلِكَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَتَانِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّكَاحَ» قَوْلُهُ: (بَعْدَ سَنَتَيْنِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ " بِسِتِّ سِنِينَ " وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ: " بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ " وَأَشَارَ فِي الْفَتْحِ إلَى الْجَمْعِ فَقَالَ: الْمُرَادُ بِالسِّتِّ مَا بَيْنَ هِجْرَةِ زَيْنَبَ وَإِسْلَامِهِ، وَبِالسَّنَتَيْنِ أَوْ الثَّلَاثِ مَا بَيْنَ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ} [الممتحنة: ١٠] وَقُدُومِهِ مُسْلِمًا فَإِنَّ بَيْنَهُمَا سَنَتَيْنِ وَأَشْهُرًا
قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّهُ لَا يُعْرَفُ وَجْهُهُ، قَالَ الْحَافِظُ: وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ رَدَّهَا إلَيْهِ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ أَوْ بَعْدَ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ مُشْكِلٌ لِاسْتِبْعَادِ أَنْ تَبْقَى فِي الْعِدَّةِ هَذِهِ الْمُدَّةَ قَالَ: وَلَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إلَى جَوَازِ تَقْرِيرِ الْمُسْلِمَةِ تَحْتَ الْمُشْرِكِ إذَا تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ عَنْ إسْلَامِهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَمِمَّنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الظَّاهِرِ قَالَ بِجَوَازِهِ، وَرَدَّهُ بِالْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ وَتُعُقِّبَ بِثُبُوتِ الْخِلَافِ فِيهِ قَدِيمًا، فَقَدْ أَخْرَجَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute