وَإِنْ أَدْرَكْتَهُ قَدْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَكُلْهُ، فَإِنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَكَاةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ الْكَلْبُ جَرْحًا أَوْ خَنْقًا) .
٣٦١٥ - (وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا عَلَّمْتَ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ ثُمَّ أَرْسَلْتَهُ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ، قُلْتَ: وَإِنْ قَتَلَ؟ قَالَ: وَإِنْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَيْكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ مَا جَاءَ فِي صَيْدِ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالْبَازِي وَنَحْوِهِمَا]
حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الْآخَرُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ مُجَالِدٌ بِذِكْرِ الْبَازِ فِيهِ وَخَالَفَ الْحُفَّاظَ. قَوْلُهُ: (مَا صِدْت بِقَوْسِكَ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الصَّيْدِ بِالْقَوْسِ. قَوْلُهُ: (وَمَا صِدْت بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ) الْمُرَادُ بِالْمُعَلَّمِ الَّذِي إذَا أَغْرَاهُ صَاحِبُهُ عَلَى الصَّيْدِ طَلَبَهُ، وَإِذَا زَجَرَهُ انْزَجَرَ، وَإِذَا أَخَذَ الصَّيْدَ حَبَسَهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَفِي اشْتِرَاطِ الثَّالِثِ خِلَافٌ. وَاخْتُلِفَ مَتَى يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا، فَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ: أَقَلُّهُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ يَكْفِي مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: لَا تَقْدِيرَ لِاضْطِرَابِ الْعُرْفِ وَاخْتِلَافِ طِبَاعِ الْجَوَارِحِ فَصَارَ الْمَرْجِعُ إلَى الْعُرْفِ.
قَوْلُهُ: (فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ) فِيهِ اشْتِرَاطُ التَّسْمِيَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ. وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الصَّيْدِ بِالْكِلَابِ الْمُعَلَّمَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، وَاسْتَثْنَى أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ الْأَسْوَدَ وَقَالَا: لَا يَحِلُّ الصَّيْدُ بِهِ لِأَنَّهُ شَيْطَانٌ. وَنُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَقَتَادَةَ نَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ) فِيهِ جَوَازُ أَكْلُ مَا أَمْسَكَهُ الْكَلْبُ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْأَحَادِيثِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يُشْرِكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مَعَهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُ مَا يُشَارِكُهُ كَلْبٌ آخَرُ فِي اصْطِيَادِهِ وَمَحِلُّهُ مَا إذَا اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَرْسَلَهُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ حَلَّ ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ إرْسَالُهُمَا مَعًا فَهُوَ لَهُمَا وَإِلَّا فَلِلْأَوَّلِ.
وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ التَّعْلِيلِ فِي قَوْلِهِ: «فَإِنَّمَا سَمَّيْت عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ» فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرْسِلَ لَوْ سَمَّى عَلَى الْكَلْبِ لَحَلَّ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ بَيَانٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ «وَإِنْ خَالَطَهَا كِلَابٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَأْكُلْ» فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ حَيًّا وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَذَكَّاهُ حَلَّ، لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي الْإِبَاحَةِ عَلَى التَّذْكِيَةِ لَا عَلَى إمْسَاكِ الْكَلْبِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ «وَمَا صِدْت بِكَلْبِك غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ» .
قَوْلُهُ: (بِالْمِعْرَاضِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَآخِرُهُ مُعْجَمَةٌ. قَالَ الْخَلِيلُ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ: هُوَ سَهْمٌ لَا رِيشَ لَهُ وَلَا نَصْلَ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ سَهْمٌ طَوِيلٌ لَهُ أَرْبَعُ قُذَذٍ رِقَاقًا فَإِذَا رَمَى بِهِ اعْتَرَضَ. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: الْمِعْرَاضُ: نَصْلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute