٣٦١٣ - (عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا بِأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ، وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَمَا يَصْلُحُ لِي؟ فَقَالَ: مَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ. فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ» ) .
٣٦١٤ - (وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُرْسِلُ الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ فَيُمْسِكْنَ عَلَيَّ وَأَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ، قَالَ: إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ، قُلْت: وَإِنْ قَتَلْنَ قَالَ: وَإِنْ قَتَلْنَ مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مَعَهَا، قُلْتُ لَهُ: فَإِنِّي أَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ الصَّيْدَ فَأَصِيدُ، قَالَ: إذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ فَكُلْهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْهُ» وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَك فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَأَدْرَكْتَهُ حَيًّا فَاذْبَحْهُ،
ــ
[نيل الأوطار]
أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَوَّلَا بِنَقْصِ قِيرَاطٍ وَاحِدٍ فَسَمِعَهُ الرَّاوِي الْأَوَّلُ ثُمَّ أَخْبَرَ ثَانِيًا بِنَقْصِ قِيرَاطَيْنِ زِيَادَةً فِي التَّأْكِيدِ وَالتَّنْفِيرِ مِنْ ذَلِكَ فَسَمِعَ الرَّاوِي الثَّانِي. وَقِيلَ يَنْزِلُ عَلَى حَالَيْنِ فَنَقْصُ الْقِيرَاطَيْنِ بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ الْإِضْرَارِ بِاِتِّخَاذِهَا، وَنَقْصُ الْقِيرَاطِ بِاعْتِبَارِ قِلَّتِهِ. وَقِيلَ يَخْتَصُّ نَقْصُ الْقِيرَاطَيْنِ بِمَنْ اتَّخَذَهَا بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ خَاصَّةً وَالْقِيرَاطُ بِمَا عَدَاهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَاخْتُلِفَ فِي الْقِيرَاطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُنَا، هَلْ هُمَا كَالْقِيرَاطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَاتِّبَاعِهَا؟ فَقِيلَ بِالتَّسْوِيَةِ، وَقِيلَ اللَّذَانِ فِي الْجِنَازَةِ مِنْ بَابِ الْفَضْلِ وَاَللَّذَانِ هُنَا مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ، وَبَابُ الْفَضْلِ أَوْسَعُ مِنْ غَيْرِهِ. وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إبَاحَةُ اتِّخَاذِ الْكَلْبِ لِحِفْظِ الدُّرُوبِ إلْحَاقًا لِلْمَنْصُوصِ بِمَا فِي مَعْنَاهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَأْذُونَ فِي اتِّخَاذِهِ مَا لَمْ يَحْصُلْ الِاتِّفَاقُ عَلَى قَتْلِهِ وَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ. وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقُورِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ قَتْلُهُ مُطْلَقًا أَوْ لَا؟
وَاسْتُدِلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى طَهَارَةِ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ بِاِتِّخَاذِهِ لِأَنَّ فِي مُلَابَسَتِهِ مَعَ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ مَشَقَّةً شَدِيدَةً، فَالْإِذْنُ بِاِتِّخَاذِهِ إذْنٌ بِمُكَمِّلَاتِ مَقْصُودِهِ، كَمَا أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ اتِّخَاذِهِ مُنَاسِبٌ لِلْمَنْعِ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ قَوِيٌّ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ لَا يُعَارِضُهُ إلَّا عُمُومُ الْخَبَرِ فِي الْأَمْرِ بِغَسْلِ مَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَتَخْصِيصُ الْعُمُومِ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ إذَا سَوَّغَهُ الدَّلِيلُ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute