للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ وُجُوبِ تَقْدِمَةِ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ

١١٦ - (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: «أَرْسَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْمِقْدَادَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُهُ عَنْ الرَّجُلِ يَجِدُ الْمَذْيَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ) .

١١٧ - (وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ، قَالَ: يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي» . أَخْرَجَاهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ وُجُوبِ تَقْدِمَةِ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ]

الْحَدِيثُ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مُنْقَطِعٌ. وَقَدْ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى وُجُوبِ تَقْدِيمِ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ، تَرْجَمَ الْبَابَ بِذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَةَ ثُمَّ تُشْعِرُ بِالتَّرْتِيبِ وَيُشْكَلُ عَلَيْهِ مَا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ عَلَى الْغُسْلِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَوَقَعَ فِي الْعُمْدَةِ نِسْبَةُ ذَلِكَ إلَى الْبُخَارِيِّ بِالْعَكْسِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ " تَوَضَّأْ وَانْضَحْ فَرْجَكَ " جَوَازُ تَأْخِيرِ الِاسْتِنْجَاءِ عَنْ الْوُضُوءِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ قَالَ: وَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ وَهُوَ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ انْتَهَى. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ صِحَّةَ اسْتِدْلَالِ ذَلِكَ الْبَعْضِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مِنْ كَوْنِ الْوَاوِ لِلتَّرْتِيبِ بَلْ يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ أَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ وَلَا مَعِيَّةٍ، لِأَنَّ الْوَاوَ عَلَى هَذَا تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَقَدُّمِ مَا قَبْلَهَا عَلَى مَا بَعْدَهَا وَعَكْسِهِ، وَإِيقَاعُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مَطْلُوبُ ذَلِكَ الْمُسْتَدَلِّ إلَّا جَوَازَ التَّقْدِيمِ، وَالْعَطْفُ بِالْوَاوِ الْجَامِعَةِ تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ دُونِ تَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِكَوْنِهَا لِلتَّرْتِيبِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي جَوَابِ ذَلِكَ الْإِشْكَالِ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ رِوَايَةَ حَدِيثِ الْبَابِ مُقَيَّدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْوَارِدَةُ بِالْوَاوِ مُطْلَقَةٌ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَيَصِحُّ اسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَذْيِ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الْمَذْيِ مِنْ أَبْوَابِ تَطْهِيرِ النَّجَاسَةِ.

الْكَلَامُ عَلَى الْحَدِيثِ مَحَلُّهُ الْغُسْلُ وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي نَسْخِهِ وَعَدَمِهِ. وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوْرَدَهُ هُنَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى وُجُوبِ تَقْدِيمِ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْغُسْلِ لِتَرْتِيبِهِ الْوُضُوءَ عَلَى غَسْلِ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَحُكْمُ هَذَا الْخَبَرِ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ مِنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ وَسَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>