وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ النَّبِيذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَلَا كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ فِي الْأَوْعِيَةِ فَاشْرَبُوا فِيمَا شِئْتُمْ وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا، مَنْ شَاءَ أَوْكَى سِقَاءَهُ عَلَى إثْمٍ» ) .
٣٧٢٦ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: «أَنَا شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ نَهَى عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ، وَأَنَا شَهِدَتْهُ حِينَ رَخَّصَ فِيهِ وَقَالَ: وَاجْتَنِبُوا كُلَّ مُسْكِرٍ» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ الْأَوْعِيَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِيهَا وَنَسْخِ تَحْرِيمِ ذَلِكَ]
حَدِيثُ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ، وَفِي إسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَابِرِيُّ، ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ. وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ.
وَفِي أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيّ كَلَامٌ لَا يَضُرُّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ فِي الْبَابِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ غَيْرَ مَنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ: (فِي الدُّبَّاءِ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ: وَهُوَ الْقَرْعُ وَهُوَ مِنْ الْآنِيَةِ الَّتِي يُسْرِعُ الشَّرَابُ فِي الشِّدَّةِ إذَا وُضِعَ فِيهَا قَوْلُهُ: (وَالنَّقِيرِ) هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ نَقَرَ يَنْقُرُ، وَكَانُوا يَأْخُذُونَ أَصْلَ النَّخْلَةِ فَيَنْقُرُونَهُ فِي جَوْفِهِ وَيَجْعَلُونَهُ إنَاءً يَنْتَبِذُونَ فِيهِ لِأَنَّ لَهُ تَأْثِيرًا فِي شِدَّةِ الشَّرَابِ قَوْلُهُ: (وَالْمُزَفَّتِ) اسْمُ مَفْعُولٍ وَهُوَ الْإِنَاءُ الْمَطْلِيُّ بِالزِّفْتِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْقَارِ قَوْلُهُ: (وَالْحَنْتَمِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جِرَارٌ خُضُرٌ مَدْهُونَةٌ كَانَتْ تُحْمَلُ الْخَمْرُ فِيهَا إلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ اتَّسَعَ فِيهَا فَقِيلَ لِلْخَزَفِ كُلِّهِ حَنْتَمٌ وَاحِدُهَا حَنْتَمَةٌ، وَهِيَ أَيْضًا مِمَّا تُسْرِعُ فِيهِ الشِّدَّةُ قَوْلُهُ: (عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ جَمْعُ جَرَّةٍ كَتَمْرٍ جَمْعُ تَمْرَةٍ وَهُوَ بِمَعْنَى الْجِرَارِ الْوَاحِدَةِ جَرَّةٌ وَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْجِرَارِ مِنْ الْحَنْتَمِ وَغَيْرِهِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا الْجَرُّ؟ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ يُصْنَعُ مِنْ الْمَدَرِ فَهَذَا تَصْرِيحٌ أَنَّ الْجَرَّ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْجِرَارِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْمَدَرِ الَّذِي هُوَ التُّرَابُ يُقَالُ مَدَرْتُ الْحَوْضَ أَمْدُرهُ: إذَا أَصْلَحْتُهُ بِالْمَدَرِ وَهُوَ الطِّينُ مِنْ التُّرَابِ وَالطِّينُ يُقَالُ مَدَرْتُ قَوْلُهُ: (وَالْمُقَيَّرِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ الْمُزَفَّتُ: أَيْ الْمَطْلِيُّ بِالزِّفْتِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْقَارِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمُزَفَّتُ هُوَ الْمُقَيَّرُ، حَكَى ذَلِكَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ وَقَالَ: أَنَّهُ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ قَوْلُهُ: (وَالْمَزَادَةِ) هِيَ السِّقَاءُ الْكَبِيرُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُزَادُ فِيهَا عَلَى الْجِلْدِ الْوَاحِدِ كَذَا قَالَ النَّسَائِيّ.
وَالْمَجْبُوبَةُ بِالْجِيمِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَتَانِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ، قَالَ عِيَاضٌ: ضَبَطْنَاهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْكُتُبِ بِالْجِيمِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُكَرَّرَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute