للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَلِيطَيْنِ

٣٧٢٧ - (عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «نَهَى أَنْ يُنْبَذَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا،

ــ

[نيل الأوطار]

وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ الْمَخْنُوثَةُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ نُونٍ وَبَعْدَهَا ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ أَنَّهَا بِالْجِيمِ: وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ رَأْسُهَا فَصَارَتْ كَالدَّنِّ مُشْتَقَّةً مِنْ الْجَبِّ وَهُوَ الْقَطْعُ لِكَوْنِ رَأْسِهَا يُقْطَعُ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهَا رَقَبَةٌ تُوكَى. وَقِيلَ هِيَ الَّتِي قُطِعَتْ رَقَبَتُهَا وَلَيْسَ لَهَا عَزْلَاءُ: أَيْ فَمٌ مِنْ أَسْفَلِهَا يَتَنَفَّسُ الشَّرَابَ مِنْهَا فَيَصِيرُ شَرَابُهَا مُسْكِرًا وَلَا يُدْرَى بِهِ قَوْلُهُ: (وَأَوْكِهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ: أَيْ وَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ الَّذِي مِنْ الْجِلْدِ فَأَوْكِهِ: أَيْ سُدَّ رَأْسَهُ بِالْوِكَاءِ، يَعْنِي بِالْخَيْطِ لِئَلَّا يَدْخُلُهُ حَيَوَانٌ أَوْ يَسْقُطُ فِيهِ شَيْءٌ قَوْلُهُ: (يُنْسَحُ نَسْحًا) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ، وَفِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ مَاهَانِ بِالْجِيمِ، وَكَذَا فِي التِّرْمِذِيِّ وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَمَعْنَاهُ الْقَشْرُ ثُمَّ الْحَفْرُ قَوْلُهُ: (إلَّا فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ جَمْعُ أَدِيمٍ، وَيُقَالُ أُدُمُ بِضَمِّهِمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ كَكَثِيبٍ وَكُثُبٍ وَبَرِيدٍ وَبُرُدٍ، وَالْأَدِيمُ: الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ قَوْلُهُ: (فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ النَّهْيِ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ الْمَذْكُورَةِ

قَالَ الْخَطَّابِيِّ: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا كَانَ أَوَّلًا ثُمَّ نُسِخَ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ بَاقٍ مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ كَذَا أُطْلِقَ، قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ أَنَّ الْعَهْدَ بِإِبَاحَةِ الْخَمْرِ كَانَ قَرِيبًا، فَلَمَّا اُشْتُهِرَ التَّحْرِيمُ أُبِيحَ لَهُمْ الِانْتِبَاذُ فِي كُلِّ وِعَاءٍ بِشَرْطِ تَرْكِ شُرْبِ الْمُسْكِرِ، وَكَأَنَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى اسْتِمْرَارِ النَّهْيِ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّاسِخُ. وَقَالَ الْحَازِمِيُّ: لِمَنْ نَصَرَ قَوْلَ مَالِكٍ أَنْ يَقُولَ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الظُّرُوفِ كُلِّهَا ثُمَّ نُسِخَ مِنْهَا ظُرُوفُ الْأَدَمِ وَالْجِرَارِ غَيْرِ الْمُزَفَّتَةِ وَاسْتَمَرَّ مَا عَدَاهَا عَلَى الْمَنْعِ، ثُمَّ تَعَقَّبَ ذَلِكَ بِمَا وَرَدَ مِنْ التَّصْرِيحِ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ.

قَالَ: وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنْ يُقَالَ: لَمَّا وَقَعَ النَّهْيُ عَامًّا شَكَوْا إلَيْهِ الْحَاجَةَ فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ ثُمَّ شَكَوْا إلَيْهِ أَنَّ كُلَّهُمْ لَا يَجِدُ ذَلِكَ فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي الظُّرُوفِ كُلِّهَا. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: النَّهْيُ عَنْ الْأَوْعِيَةِ إنَّمَا كَانَ قَطْعًا لِلذَّرِيعَةِ فَلَمَّا قَالُوا لَا نَجِدُ بُدًّا مِنْ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ قَالَ: انْتَبِذْ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ نُهِيَ عَنْهُ بِمَعْنَى النَّظَرِ إلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ لِلضَّرُورَةِ كَالنَّهْيِ عَنْ الْجُلُوسِ فِي الطُّرُقَاتِ، فَلَمَّا قَالُوا لَا بُدّ لَنَا مِنْهَا قَالَ: " وَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقّهَا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>